Serie A anti racismSocial

رأي غير محايد | إيطاليا ومحاربة العنصرية بالكذب

نجح إنتر في الساعات الماضية في حسم صفقة النيجيري فيكتور موسيس من تشيلسي، بانتظار الإعلان الرسمي الذي تأخر بسبب خضوع اللاعب لفحوصات طبية إضافية للتأكد من حالته البدنية، الموقف الذي علق عليه بعض من جمهور النيراتزوري نفسه عبر تويتر بنشر صورة لغوريلا على طاولة العمليات وعلق: "موسيس في الفحص الطبي"، واللافت أن التعليقات كانت مزيجاً من الضحك والإعجاب بالصورة، وشجب الصورة ومطالب بإزالتها.

واقعة موسيس هي الحلقة الأحدث في مسلسل العنصرية المتزايدة حدته هذا الموسم في الكرة الإيطالية، وردود الأفعال عليه من إعجاب وتأييد تجعل من الواجب طرح السؤال، هل إيطاليا ترى أن العنصرية أمراً طبيعياً؟ وهل محاربة الظاهرة يتم أخذها على محمل الجد؟

قبل أسابيع قليلة قررت رابطة الدوري أن تبدأ حملة لمحاربة العنصرية، وماذا اختارت كشعار؟ قرود، وعند سؤال سيموني فوجازوتو، الفنان الذي رسم الشعار، علق بأن رسالته كانت أن لا يهم استخدام بشر أو قرود، المهم إيصال رسالة أن الجميع يتساوى في نهاية المطاف.

الاتحاد الإيطالي اكتفى بالاعتذار عن الحملة، وحمل الفنان المسؤولية كاملة، وكأن الاتحاد لم يوافق على الرسوم وينشرها في ملاعبه على الملأ، موقف يوضح مدى عدم الاهتمام بمعالجة الموضوع، وكأن الأزمة متمثلة فقط في مجموعة صور لم تعجب البعض، والحل هو فقط إزالتها.

عدم جدية إيطاليا في محاربة العنصرية يتمثل في العقوبات الواهية ضد الهتافات في الملاعب، فيرونا الذي تم إدانة جماهيره بالعنصرية ضد ماريو بالوتيلي، مهاجم بريشيا، تم توقيع عقوبة عليه بإغلاق جزءاً من مدرجات ملعبه وتوقيع غرامة مالية، العقوبة التي تم تخفيضها بعد الاستئناف إلى غرامة مالية بسيطة، وإيقاف مشجع وحيد مدى الحياة، رغم أنه واحداً من ضمن المئات الذين هتفوا ضد المهاجم الإيطالي صاحب البشرة السمراء.

Mario Balotelli Verona Brescia

يمكننا أن نكتب آلاف الكلمات وعشرات السطور عن الحالات العنصرية في الملاعب الإيطالية، والاستنتاج النهائي لن يختلف، هناك لا مبالاة في التعامل معها، عقوبات مالية مخففة، غلق جزئي للملاعب، وتصريحات وحملات إعلامية لا تفي بالغرض، ليكون السؤال، هل إيطاليا حقاً تحارب العنصرية؟

المجتمع الإيطالي حالياً ليس كما كان في الماضي، دخول المهاجرين ضمنه جعل هناك جيلاً ثالثاً مختلط من الإيطاليين ذو الأصول غير الأوروبية يعيشون ويتعايشون، ولكن العقلية المسيطرة على البلاد، وخصوصاً الطبقات الحاكمة وصاحبة المناصبة لاتزال تعيش في أزمنة قديمة تعطي الأفضلية للرجل الأبيض على البقية، وترى من غيره في درجات أقل، وخصوصاً على المستوى العقلي.

الشعور أن إيطاليا تشجب وتدين العنصرية في ملاعبها فقط لمواكبة بقية العالم الغربي الذي تخلص من تلك الآفة قبل زمن فات، وإن كانت بدأت في الظهور مجدداً مع تصاعد قوى اليمين من جديد، وإن تظل المجتمعات رافضة لفكرة العنصرية والتمييز على أساس اللون أو العرق، ولكن في شبه الجزيرة الإيطالية  تشعر وأن الكذب هو الحملة المتبعة لمحاربة العنصرية، نحن نكذب ونتجمل وندعي الوقوف ضدها، ولكن في داخلنا هناك إيمان بأفضلية جنس عن الآخر.

Inter BUU

العنصرية في الملاعب الإيطالية وضعف التعامل معها ليست إلا حلقة في مسلسل إخفاقات وتراجع الكرة الإيطالية، والذي يضم سوء الأحوال الاقتصادية وتردي الملاعب والمنشآت الرياضية، وابتعاد النجوم عن السيري آ، لتستمر البلاد في العيش على ذكريات وأطلال الماضي، غير ملاحظة للفجوة الآخذة في الاتساع مع بقية البلدان الأوروبية.

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0