لا يُمكن وصف ما يفعله اتحاد كرة القدم السعودي برئاسة ياسر المسحل في ملف التحكيم في الدوري السعودي إلا بأنه "خطة في مُنتهى الذكاء" تهدف لفرض الحكام المحليين على الأندية بطريقة غير مباشرة.
الاتحاد السعودي سمح لجميع أندية دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين السعودي في بداية الموسم الجاري بطلب جلب حكام أجانب لجميع مبارياتها، سواء البيتية أم الخارجية، لكن بشرط تحمل جميع التكاليف اللازمة لذلك.
وقُدرت التكاليف آنذاك بـ157 ألف ريال سعودي لجلب 4 حكام أجانب، وبـ219 ألف ريال حال أضيف لهم حكم فيديو مساعد وأصبحوا خمسة، وشدد الاتحاد المحلي على أن الدفع سيكون مقدمًا ولن يتم خصم تلك التكاليف من مستحقات الأندية لديه.
ورغم صراخ الأندية في الموسم الماضي وطوال الصيف بالمطالبة بحكام أجانب، إلا أن أغلب المباريات هذا الموسم أديرت بحكام محليين، حتى بعض اللقاءات الكبيرة وآخرها الأهلي والهلال في جدة.
السبب في ذلك لم يكن حبًا في الحكام السعوديين ودعمًا لهم، بل لعدم قدرة جُل الأندية على تحمل تكاليف الحكام الأجانب، والتي وُصفت بالمرتفعة من العديد من المحللين والمسؤولين والجماهير، نتيجة الأزمات المالية التي تُعاني منها.
الاتحاد السعودي ومن خلال خطته تلك نجح في فرض الحكم المحلي على أغلب المباريات دون رغبة الأندية وبطريقة غير مباشرة ودون أن يتسبب لنفسه بـ "صداع" كل جولة نتيجة الشكاوي من أخطاء الحكام والمطالبة بالحكام الأجانب، الاتحاد كأنه يقول لهم .. الكرة في ملعبكم، ادفعوا واطلبوا حكام أجانب.
أندية الدوري السعودي طلبت خلال اجتماع تم أمس تحمل اتحاد الكرة تكاليف استقدام حكام أجانب لبقية مباريات البطولة، أو على الأقل تحمل نصف التكاليف، لكن المسحل رفض الاقتراحين جملة وتفصيلًا، مؤكدًا أن موافقته تعني تخليه عن الحكام السعوديين وسحب الثقة منهم تمامًا.
خطة الاتحاد والحكام السعوديين الذكية نجحت تمامًا، إذ رغم الأخطاء المتواجدة والشكاوى العديدة وغضب الجماهير إلا أن الأندية تُواصل الاعتماد على الحكام المحليين لعدم قدرتها على تحمل تكاليف الحكام الأجانب، وهذا من شأنه بالطبع أن ينعكس إيجابيًا على الحكام المحليين، إذ سيزيد من خبراتهم وسيوفر لهم فرصة إدارة مباريات كبيرة وصعبة مما يُحسن ويُطور من قدراتهم.
