"عار عليك!"
كانت هذه كلمات الإعلامي والصحفي الإنجليزي بيرس مورجان صباح الثلاثاء مهاجمًا بضراوة مسعود أوزيل أمام ملايين المشاهدين في برنامج صباح الخير بريطانيا.
لم يكن مورجان الوحيد الذي يهاجم أغلى لاعب في آرسنال، بعد أن رفض مقترح تخفيض أجره بنسبة 12,5% لمدة 12 شهرًا.
ليست هذه المرة الأولى منذ وصوله إلى آرسنال التي يجد فيها أوزيل نفسه عرضة لإظهاره بمظهر "الفتى السيئ"، لكن هذه المرة الأولى التي يتم انتقاده فيها بعيدًا عن مستوياته في كرة القدم، بل يتم اتهامه بأنه "جشع ومرتزق".
استمر مورجان في هجومه قائلاً "كنت أحتفظ بإدانتي لسلوك الأندية التي تستغل خطة الحكومة للبطالة المؤقتة لتلقي أموال الضرائب العامة رغم أنها تمتلك وفرة مالية لديها وأعتقد بأنه يتم مهاجمة سلوك اللاعبين بشكل غير منصف لكن ما حصل الآن مع مسعود أوزيل يجعلني أعتقد بأن بعضهم يستحق نعته بهذه الصفات السيئة".
يضيف الإعلامي البريطاني "أشخاص مثل مسعود أوزيل لسان حالهم.. عذرًا لا، ربما أكون أحد اللاعبين الأعلى دخلاً في آرسنال وفي العالم، وربما أكون جالسًا على جانبي ولا أفعل أي شيء على كومة من المال، لكن رغم ذلك لن أخفض راتبي!".
كلمات قاسية في الواقع، وقد لا تكون مفاجئة بالنظر إلى مصدرها، وسيكون هناك الكثير ممن يعتقدون أن مورجان كان على صواب في حديثه عن صانع الألعاب الألماني، لكن هذه ليست الحقيقة.
من الواضح أنه كان سيكون أفضل بكثير لجميع المعنيين إذا وافق فريق آرسنال بأكمله على هذه التخفيضات. كان من الأفضل للنادي وكان سيكون أفضل لوحدة الفريق. لكن كل لاعب يتعامل مع مواقف مختلفة.
Gettyنعم أوزيل هو الأعلى أجرًا في آرسنال، لكننا لا نعرف ما هي الالتزامات المالية التي يغطيها أو أي شكل من أشكال اهتماماته التجارية الأخرى خلال هذه الأوقات الصعبة وغير المسبوقة في العالم.
وتجدر الإشارة إلى أنه ليس لاعب آرسنال الوحيد الذي رفض هذه التخفيضات. هناك آخرون، فقط أسمائهم لن تبيع الصحف!
ونظرًا لأن آرسنال هو واحد من حفنة من الأندية التي أعلنت عن اتفاق لخفض الأجور، فهناك المئات من لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز - بعضهم يكسب أكثر من أوزيل - الذين لم يوافقوا أيضًا على التنازل بعد عن أي نسبة من أجورهم. ومع ذلك فأوزيل هو الذي يتم تصويره كجشع.
لكن في الحقيقة فأوزيل نفسه لم يرفض الأمر، فمصادر لجول أكدت أن المحادثات مستمرة مع اللاعبين الذين لم يوافقوا على مقترحات تخفيض الراتب.
أوزيل وغيره يريدون فقط معرفة المزيد عن كيفية استخدام الأموال التي تم توفيرها، وتأكيدات بأن الأموال التي سيتم اقتطاعها من رواتبهم ستذهب في أماكنها الصحيحة.
من السهل النظر فقط للعناوين الرئيسية، وكيل الاتهامات للاعب، وتصويره بهذا الشكل، لكن في الحقيقة هناك سطور من بين السطور تؤكد أن ما يتعرض له أوزيل أبعد من العنوان الكبير.
يجب القول إن قلة قليلة فقط من اللاعبين يُقدمون الكثير للجمعيات الخيرية والمحرومين على مر السنين مثل أوزيل.
إن العمل الذي يقوم به مع منظمات مثل منظمة "رايس أوف سان شاين" الخيرية ومقرها المملكة المتحدة حيث يعمل كسفير لها، ضخم للغاية. قد يكون لاعبًا ثريًا للغاية، لكنه يستخدم الكثير من هذه الأموال بطريقة جيدة..
أفعاله السابقة لا تدل بأنه سيرفض تقديم مساعدة مالية من أجل التأكد أن بعض الموظفين في النادي سيتمكنون لمن المحافظة على وظائفهم.
في عام 2014 تبرع بمكافأته في كأس العالم 2014 - والتي قدرت بمبلغ 240.000 جنيه إسترليني، لدفع عمليات جراحية لنحو 23 طفلًا برازيليًا، وبعد مرور عام، قام بتمويل عمليات جراحية لـ 11 شابًا آخر في البلاد. وفي عام 2019، دفع أوزيل وزوجته تكاليف عمليات جراحية لنحو 1000 طفل آخر.
Getty/Goalكما طلب أوزيل وزوجته خلال حفل زفافهم التبرع لجمعية خيرية تمول عمليات للأطفال في البلدان النامية الذين يعانون من الحروق.
ودائمًا ما يكون المربع المخصص لأوزيل في ملعب الإمارات مليئًا بالضيوف والأطفال الذين تمت دعوتهم بشكل خاص من خلال روابط اللاعب مع شركائه الخيريين المختلفين.
قد لا يكون لهذه الإيماءات - التي يوجد الكثير منها التي لم يتم الإعلان عنها - أي علاقة بالوضع الحالي في آرسنال، لكنها تظهر أن أوزيل ليس لاعبًا جشعًا يهتم بالمال.
إنه رجل لديه قناعات راسخة، وعندما يؤمن بشيء ما سيقول ذلك. لقد رأينا ذلك بموقفه من الصين في العام الماضي عندما انتقد علنا سوء معاملة المسلمين الأويجور.
نأى آرسنال بنفسه على الفور عن تعليقات أوزيل بينما وصف الاتحاد الصيني تعليقاته بأنها غير مقبولة.
تمت إزالة أوزيل من الإصدارات الصينية من ألعاب الفيديو، كما تمت إزالة مباراة آرسنال أمام مانشستر سيتي في ديسمبر من جدول البث التلفزيوني المباشر في الصين مع تعمق الخلاف.
تحولت تعليقات أوزيل إلى عاصفة سياسية كبيرة وفي النهاية تركته معزولًا - حتى من قبل ناديه - لكنه لم يتراجع، ولم يحذف منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي أو يعتذر، لقد تمسك بموقفه وبما قاله، وهذا يبين شخصيته بالفعل.
بالتأكيد، فإنه سيكون من الأفضل لآرسنال في خلال الأيام القليلة -أو حتى الأسابيع- القادمة أن يقوم بعمل تسوية مع أغلب زملائه في الفريق ويتم الاتفاق على مسألة تخفيض الأجور، وهو ما سيبقى على الطاولة.
من الناحية المالية يواجه النادي واحدة من أصعب الفترات في تاريخه، حيث جفت الإيرادات الرئيسية وبات ملزمًا بدفع المبالغ التي تحصل عليها من الجمهور للتذاكر، حيث ستقام المباريات بتأكيد بدون جمهور.
لكن أوزيل ليس السبب في الأزمة المالية، بل أن موقفه يمكن تفهمه حيث أن آرسنال يملكه ملياردير ثري، وكان ينوي تخفيض فاتورة الأجور حتى قبل أزمة كورونا كما كان يصرح ابنه، وبالتالي فأوزيل مُحق في التأكد من أن المال سيذهب لمن يستحق، ولن يبقى في جيب المالك!


