يؤمن كلارنس سيدورف، نجم ميلان وريال مدريد السابق، بوجود عنصرية واضحة ضد المدربين السود في أوروبا من خلال تجربته في عالم التدريب، والتي قد تتواصل في السعودية بعد وصول ما أسماه "شبه عروض" من المملكة.
صاحب الـ44 سنة، خاض بعض التجارب التدريبية بعد الاعتزال، حيث بدأ مع ميلان ، قبل الانتقال للدوري الصيني، ثم ديبورتيفو لاكورونا الإسباني، قبل رحلته الأخيرة مع الكاميرون، التي انتهت العام الماضي.
الهولندي تحدث عن قضية العنصرية، بالإضافة للعديد من الموضوعات الأخرى الهامة بخصوص الحياة الرائعة في دولة الإمارات ومدى متابعته لكرة العربية، وذلك في حوار خاص مع "جول" تم إجراؤه بفندق روزوود في جزيرة المارية بأبوظبي في الإمارات.
- في البداية، لنعد معاً بالذاكرة.. قبل 12 سنة من الآن كنت في الإمارات، واسمح لي أن أقتبس حديثك حين قلت في مقابلة "نصيحتي دائمًا هو أنه على الأندية شراء لاعبين متحفزين ليسوا هنا لأجل المال ولأنهم في نهاية مسيرتهم". ما هو رأيك الآن، هل تجد أي تحسن ؟
نعم. أعتقد أن العديد من الأندية اليوم تركز أكثر على تطوير (قطاع) الشباب، الذي لم يكن متطورًا آنذاك. لقد بدأوا التركيز أكثر فأكثر على ذلك، وأيضًا على لاعبين في مرحلة من مسيرتهم حيث يمكن إعادة بيعهم من جديد، ولذا يأتون بدافع محدد.
إذا كنت ستجلب أسماء كبيرة، عليك أن تتأكد من أنها ستكون متحفزة، فقد كان أمراً حزيناً رؤية أموال تُصرف ومواهب تأتي في تلك الفترة وكثيرًا ما لا تعطي المطلوب، فأنت تريد رؤية بلد تتطور كروياً، وأعتقد أن عملية جلب لاعبون فقط لأن أسمائهم كبيرة انتهت. يجب أن يأتي معهم الأداء والإخلاص أيضاً.
- نعرف أنك تعيش الآن في الإمارات، لماذا قمت باتخاذ هذا القرار؟
حسنًا، أنا آتي هنا طوال السنوات الـ15-16 الأخيرة، ولدي العديد من الأصدقاء هنا في الحياة الاجتماعية، وفي النهاية أبو ظبي هي من اختارتني أكثر من أي شيء.
أتيت هنا وشعرت بحرارة الترحيب، الأمر رائع هنا ما بين أبو ظبي ودبي، وكونت العديد من الصداقات والعلاقات الجيدة على المستويين الشخصي والرياضي من وجهة نظري، وهذا أمر هام عندما تنتقل لدولة جديدة أن يكون لديك حياة اجتماعية، أمان، فرص، وأيضًا نظرة مستقبلية وروح الابتكار،
هناك العديد من الأمور التي تجذبني هنا وأشعر أنني في منزلي.
- كيف تتعامل مع وضعية فيروس كورونا؟ لقد جئت في أوقات غريبة، صحيح؟ كيف تشعر؟
احترم كل المعايير الموضوعة بداية من التباعد الاجتماعي حتى ارتداء قناع طبي وغسل اليدين، أعتقد أنه حتى اكتشاف العلاج وكل المعلومات اللازمة للتخلص من الفيروس، يجب علينا دعم بعضنا البعض لأنها فترة يجب أن نعبرها جميعًا وليس بشكل مفرد، والأمر يتعلق بالعالم أجمع؛ فكلما تعاونا بشكل أفضل، كلما خرجنا من هذه المحنة بشكل أسرع.
هنا القيادة تعاملت مع الأمر بطريقة مناسبة لحماية الشعب، والاجراءات المتخذة كان لها تأثيرًا بارزًا على الجميع وبالأخص المهن الصغيرة، وحتى الشركات الكيرة، الجميع بحاجة إلى إعادة اكتشاف النفس والبحث عن الطرق الأنسب للتعامل مع الأزمة، أعتقد أنهم مثل باقي دول العالم تحاول البحث عن أفضل الحلول الممكنة. لو أنك شخص إيجابي فسوف تجد الحلول دائمًا وهذا ما أفعله.
- لقد نشرت صورة مؤخرًا تُظهر عضلات بطنك بوضوح، كيف يمكنك الحفاظ على لياقتك؟
هذا أسلوب حياة. لا يمكنني الاستغناء عن الرياضة. وما هو أكثر من الرياضة فأنا لا أشرب الكحول، بالإضافة إلى محاولة التركيز على ما نظامي الغذائي، هذا يساعدني كثيرًا. خاصة في فترة فيروس كورونا، حيث كان من الصعب للغاية الحفاظ على مستوى التدريبات الذي أقوم به في الطبيعي، هذا ما أحب أن أفعله رغم أنني لم أعد مطالبًا بلعب مباريات دوري أبطال أوروبا! ولكن عندما يكون لديك نظام منضبط ولياقة بدنية مناسبة فهذا يجعلك تعيش بطريقة معينة ثم يصبح أسلوب حياتك وتصبح الأمور طبيعية. أنا سعيد لأن أكون لائقًا، وكذلك يمكنني الاستمرار في الاستمتاع بحياتي.
- من باب الفضول، إذا أُتيحت لك الفرصة للخروج للميدان ولعب 90 دقيقة من الكرة على المستوى الاحترافي غداً، هل تفعلها؟
بالتأكيد ليس غدًا ! لقد مرت تقريباً ستة أعوام منذ اعزالي كرة القدم، ولكن إذا اخترت، سأجهز نفسي لمدة خمسة أو ستة أشهر، ثم بعدها يمكن أن يصبح الأمر ممكناً.
- وجود العنصرية في كرة القدم شيء أكدته أيضًا عدة مرات طوال مسيرتك، حتى أنك قلت إنك لا تستطيع العثور على الكثير من الفرص مثل المدربين الآخرين بسبب لون بشرتك. لذا، هل يمكنك الدخول في مزيد من التفاصيل وذكر نوع المشكلات التي تواجهها في الوقت الحالي أيضًا، هل ما زلت تحاربها؟
ليس أنا من أقول ولكنه الواقع والأرقام، الأمر ليس حكرًا علي، فقد كان يحدث منذ سنوات ولا يزال كذلك. الأمر ليس فقط متنعلقًا بالأعداد، بل بالفرص كذلك، يجب أن تكون هناك فرص متساوية للجميع بنفس المعايير أيضًا.
لنأخذ مثالي، لو أنني وصلت لذات عدد النقاط الذي وصلت له (مع ميلان)، أعتقد أنني وصلت إلى 35 نقطة في 19 مباراة وتمت إقالتي، بينما المدربون من بعدي يحصلون على نقاط أقل لكنهم يبقون طوال العام، ثم تسأل نفسك: ما هي المعطيات، ما هي المعايير؟ وقبل التوقيع مع مدربين جدد أيضًا ما هي معاييرك؟
وكما قلت، لا يتعلق الأمر بي، فهناك أرقام صعبة للغاية حول عدد المدربين السود، والمديرين السود في المناصب القيادية في كرة القدم الأوروبية، في إدارات الأندية، في الاتحادات، في اللجان، على مقاعد التدريب (وظائف الطواقم الفنية).. النسبة المئوية منخفضة جدًا وتكاد تصل إلى 1٪ أو أقل، لذا فإن التنوع الذي تراه على أرض الملعب لا ينعكس على المقاعد ولا ينعكس على مجالس الإدارات ولا ينعكس على الملاك وأشياء كثيرة، لذلك فهو شيء يمثل مجتمعًا، في النهاية دائمًا ما قلت إن كرة القدم تعكس ما يحدث في المجتمع.
حوار خاص | سيدورف: على ميسي تحمل عواقب تصريحاته، ونيمار أخطأ بترك برشلونة!
Socialهذه معركة كنا نخوضها طيلة حياتنا المهنية، لأننا لا نستطيع دائمًا إثبات ما أقوله لأنه نظام، إنها خيارات وعنصرية ممنهجة. ويمكننا أن نأخذها على نطاق أوسع، لأننا الآن نتحدث عن المدربين السود والمديرين السود، إلخ..، ولكن الأمر يتعلق بالمساواة بين الجميع، لأن هناك أيضًا قضايا أخرى مثل قضايا النوع التي ليست على المستوى الذي ينبغي أن يكون عليه، رغم أنها تتحسن.
لكن بالتركيز بشكل خاص على اللاعبين السود الذين يريدون أن يصبحوا مدربين والفرص المتاحة لهم .. هذا أمر لا يُقارن! يمكنك الذهاب إلى قائمة اللاعبين الذين لعبوا في مستواي ولم تتح لهم الفرصة للتأكد مما أقول.
- من هذا المنطلق، كيف ترى الأمر هنا في الإمارات؟ كونها بلدًا شديدة التنوع، ما هو شعورك حيال ذلك؟
أشكركم على السؤال، لأنني أردت بالفعل إضافة ذلك. لهذا السبب أشعر أيضًا بالترحاب هنا، لأننا عندما نقول أخ وأخت هنا فهم يعنون ذلك. لا يوجد إطلاقًا (أي تمييز)، من جانبي لا أرى ذلك، لأن لدينا عرب سود وعرب بيض جدًا، وفي هذا المزيج يكمن الجمال، التنوع هو الجمال الإنسانية.
أعتقد أن القيادة السياسية للبلاد قامت بعمل جيد في تعيين شعبهم معتنقين هذه القيم، وهذا ليس بالأمر السهل إطلاقًا، لأن بوسعي ببساطة القول إن ما يعيشه الأشخاص السود في أجزاء كثيرة من أوروبا ينطبق على العرب أيضًا: ليس لديهم وضع سهل في أماكن كثيرة مع هذا التعصب.
هذا ما أقوله، أنا أدعم المساواة والاحتواء، وهذا بلد يمكنك أن ترى فيه هذا يحدث، هنا الفرصة للجميع، فقط تحتاج إلى العمل بجد من أجلها وتحتاج إلى الكفاءة وبعد ذلك ستحصل فرصتك. لذلك أشعر وكأني في موطني من هذا المنطلق.
- بالحديث عن هذه المنطقة، هل شاهدت كرة القدم العربية مؤخراً؟ إذا كانت الإجابة بنعم، ما الذي يلفت انتباهك هنا؟ هل هناك أي لاعبين يعجبونك هنا في هذه المنطقة من الشرق الأوسط؟
ليس لدي لاعب بعينه لكني أتابع المباريات. أنا أتابع دوري أبطال آسياالآن، وقد ذهبت في بعض المباريات (سابقًا). لسوء الحظ، جاء فيروس كورونا وتوقف كل شيء، لكنني شاهدت بعض المباريات أيضًا. لدي رأيي في مستوى ما رأيته وجودة اللاعبين وكل شيء، ولكن من المهم أيضًا فهم الأمور من الداخل، لأن الحكم من الخارج سهلًا للغاية.
في بعض الأحيان تحتاج إلى معرفة حقيقة ما يحدث بالداخل لفهم ما تراه في المباريات، وبالتالي مستوى التدريب: ما هي كثافة مستوى التدريب؟ لأنه إذا لم يكن مستوى التدريب مرتفعًا جدًا، فلا يمكنني أن أتوقع أن يتمتع هؤلاء اللاعبون بلياقة عالية خلال المباريات أيضًا. أنت تعرف مقدار العمل التكتيكي الذي تم إنجازه، ولكن كيف يتم إنجاز العمل الفني والبدني؟
أستطيع أن أقدر فريقًا أو أحكم عليه عندما يكون لدي فهم أكبر للمنهجية التي يتم تطبيقها في الحصص التدريبية وفي إدارة هؤلاء اللاعبين، وفي النهاية كيف هو النادي؟ هل هناك مشاكل في النادي؟ هل النادي صحي؟ هل النادي يخطط جيدًا؟ كل هذه الأشياء تؤثر على ما تراه على أرض الملعب في نهاية المطاف.
لكنني دائمًا ما أنظر إلى كرة القدم هنا في الإمارات العربية المتحدة بتفاؤل، حيث توجد فرص للتطور، وأعتقد أن هناك هامشًا للنمو وهذا هو ما كنت أركز عليه: سأقوم بالتدريب أو إدارة فريق في نادي يسير في هذا الاتجاه ويبدأ في تنفيذ الخطط التي من شأنها أن تقفز به إلى المرحلة التالية، لأن هناك هامشًا للنمو بالتأكيد.
- على وجه التحديد، في المملكة العربية السعودية، حيث 35 ٪ من مجتمعهم أقل من 30 عامًا، وهم شغوفون بالدوري الخاص بهم. الدوري السعودي للمحترفين مجنون، لذا يحافظ العديد من النجوم على مسيرتهم المهنية هناك. هل تلقيت أي عروض من المملكة العربية السعودية كلاعب أو كمدرب؟ هل يمكنها أن تكون مكانًا تود العمل فيه؟
لم أحصل أبدًا على عرض كلاعب، لكن كان لدي بعض شبه العروض كمدرب (يضحك)..
حوار خاص | سيدورف: صلاح بوسعه أن يصبح مثل ميسي، ومساعي رونالدو لا تزعجني
Socialأي فريق؟ ربما لم أصل إلى هذه المرحلة، لأن الأشخاص الذين يجلبون هذه الفرص لا يكشفون كثيرًا من التفاصيل. هناك دائمًا اهتمام هنا، يجب القول إن العديد من الوكلاء ومديري الرياضة قد اتصلوا بنا، لكن لديهم دائمًا قائمة المدربين ثم يتخذون قراراتهم بناءً على ما لا أعرفه..
لطالما كنت مرحبًا، لأنني أعتقد أنني أعيش حياتي بطريقة تجعل كل التجارب التي رأيتها - نظرًا لعملي لكل هذه القارات - (تطورني أكثر). لأنه بالنسبة لي في الحياة، كلما زاد عدد الثقافات التي يمكنني اعتناقها ومعرفتها وخوض تجربتها، كلما أصبحت أكثر ثراءً كشخص.
لذا، فأنا لا أنظر فقط بشكل أساسي من منظور كرة القدم، في بعض الأحيان أقوم بالاختيار لأن كل ما يأتي مع وجودي في هذا البلد يمكن أن يضيف قيمة ربما إلى الأشياء الأخرى التي أفعلها في حياتي. أعتقد أنه في هذه المنطقة كان هناك الكثير من شبه الفرص وشبه العروض.

