Del Piero PadovaGoal

حكايات منسية - ديل بييرو من بادوفا إلى صناعة التاريخ

حين كان طفلًا خشيت عليه أمه من كثرة الركض والالتحامات، فكان يلعب كحارس مرمى مع شقيقه الأكبر، حيث كان الأصغر بين إخوته، وكان يحظى بقلق خاص، كحال جميع الأمهات مع أصغر الأبناء.

حراسة المرمى لم تكن تليق بصاحب الجسد الهزيل مقارنة بالعمالقة الذين يقفون بين القائمين، ولمسته للكرة كانت خاصة، لذلك كان عليه أن يغادر الحراسة ويخلع القفازات، ويبدأ في مداعبة الكرة، وهو ما حدث بالفعل، أليساندرو لم يقف حارسًا منذ أن بلغ الحادية عشر من عمره.

بدأ أليساندرو يلعب مع فرق الناشئين لأندية الهواة، ويمارس كرة القدم التي يحبها بعد أن تحرر من قيود الخوف، لتلتقطه الأعين سريعًا، وينتقل إلى بادوفا حيث بدأ مسيرته.

الانتقال إلى بادوفا كان خطوة كبيرة للطفل الذي نشأ في قرية ساكون الواقعة في بلدية سان فينديميانو، حيث أنها ستعني رحلة أخرى لاكتشاف عوالم جديدة تبدو خفية لأليساندرو، الذي لم يكن قد أصبح مراهقًا وقتها بعد.

المسافة بين سان فينديميانو وبادوفا لا تتجاوز 77 مترًا، وهي التي أطلق عليها ديل بييرو فيما بعد المسافة ما بين الرجل الذي كنت عليه، والذي أريد أن أكون عليه، عبارة تشبه تلك المألوفة والتي تقول "الكنز في الرحلة" ومن هنا انطلق أليساندرو بحثًا عن الكنز.

بدأت أليساندرو يستعرض مهاراته ويثبت للجميع في بادوفا أنه قادم بقوة، ليشارك مع الفريق الأول لأول مرة بشكل رسمي في مايو من العام 1992، تلك المباراة التي لعبها الفريق أمام ميسينا، والتي كان يبلغ يومها ديل بييرو 17 عامًا فقط.

أليساندرو دل بييرو أسطورة الكرة الإيطالية وأيقونة نادي يوفنتوس ولد في التاسع من أكتوبر من العام 1974، وكان منذ صغره محبًا ليوفنتوس ومشجعًا له حسب ما ظهر فيما بعد، لذلك كانت خطوته المقبلة متوقعة، بمجرد أن يطلب البيانكونيري ضمه لن يكون هناك تفكير في شيء آخر.

قضى ديل بييرو موسمين فقط بقميص بادوفا، وطوال مسيرته القصيرة كان أصغر لاعبي الفريق الأول، وأكثرهم مهارة وصاحب اللمسة الاستثنائية في الفريق، والقادر على خطف أنظار محبي اللعبة أو حتى الذين لا يفهمونها جيدًا، الجمال لا يحتوي على مقاييس خاصة، هكذا علمتنا الحياة.

رحلة التألق والتي استمرت لعامين دفعت العديد من الأندية الإيطالية لمراقبة اللاعب الصاعد وقتها، حيث كان الدوري الإيطالي ــ وما زال ــ يتغذى على مواهبه الصاعدة، ولا يذهب للبحث خارج إيطاليا إلا في حالات قليلة، لذلك كان تألق اللاعبين صغار السن خطوة تمهيدية للانتقال إلى نادٍ أكبر، ومنه إلى نادٍ أكبر، وهكذا.

في صيف العام 1993 جاءت عدد من العروض إلى ديل بييرو، وظهرت العديد من الأندية الإيطالية المهتمة بخدماته، أبرز هذه العروض كان من فيورنتينا وميلان، ميلان الذي كان متسيدًا لأوروبا وقتها بعد حقبة ذهبية لأريجو ساكي وأخرى تستعد لأن تكون كذلك مع فابيو كابيلو.

ولكن اللحظة الفارقة والتي غيرت مسار كل شيء كانت تلك التي تدهل فيها جيامبيررو بونبيرتي رئيس نادي يوفنتوس، والذي كان أسطورته كلاعب، لحظة لم يفكر بعدها فتى اليوفي المدلل في مستقبله، ليعلن انتقاله إلى يوفنتوس ونسيان أي عروض أخرى، بل ونسيان أي شيء آخر من الممكن أن يعيق بينه وبين حلم عمره.

أول مباراة رسمية خاضها ديل بييرو مع السيدة العجوز كانت في الثاني عشر من سبتمبر من العام ذاته، تلك التي واجه فيها ريجينا، استطاع ديل بييرو يومخا ترك بصمته في شباك أول خصومه مع اليوفي، حيث سجل هدفه الأول في أول مشاركة، وفي ثاني مشاركة استطاع موبهة إيطاليا الأبرز أن يسجل هاتريك في شباك نادي بارما، ولم تمضِ فترة قليلة حتى أصبح دل بييرو المعشوق الأول لجماهير السيدة العجوز رغم صغر سنه، ولكن ملامحه واحتفالاته الطفولية فضلًا عن لمسته ومهاراته الاستثنائية عجلت من تدفق مشاعر الجماهير تجاهه، والتي سرعان ما نصبته بطلًا لها.

حكايات منسية - سنوات بيركامب الضائعة في إنتر

انتظرت الجماهير من أليساندرو حينها أن يكون خليفة لأساطير النادي روبيرتو باجيو وفيالي ورافنيلي، وهو الذي حدث بالفعل، حيث أصبح ديل بييرو هو أيقونة اليوفي الأولى ربما لدى الكثيرين من عشاقه، واستمرت مسيرته مع الأبيض والأسود حتى العام 2012، وخلال 19 عامًا حقق فيها أليساندرو كل شيء، نسي الكثيرون أن كل شيء بدأ من بادوفا، وقبلها من حراسة المرمى رفقة أخيه الأكبر، حيث كادت والدته تحرم العالم من موهبة استثنائية بمشاعر الأمومة.

إعلان

ENJOYED THIS STORY?

Add GOAL.com as a preferred source on Google to see more of our reporting

0