Palestine Syria Arab cupSocial

حتى المحبطين في تونس وقطر: سوريا وفلسطين .. المؤامرة الكروية التي أسعدت الشعب العربي!

شئنا الاعتراف بذلك أم أبينا، إلا أن السياسة جزءًا لا يتجزأ من الرياضة وخاصة كرة القدم، وقد أظهرت السنوات الأخيرة ذلك بوضوح تام. لذا لا داعي أبدًا للخجل عند طغيان الجانب السياسي على الرياضي في حدث ما، لا مشكلة في بروز مشاعر سياسية أو إنسانية عند لحظة انتصار أو انكسار كروي، ولذا دعونا الليلة نُعبر جيدًا عن فرحة الشعب العربي بتأهل فلسطين وسوريا لدور الـ8 من كأس العرب دون أي حسابات أو حدود.

نجح المنتخبان في التأهل بعد تعادلهما معًا في المباراة الأخيرة من دور المجموعات في المجموعة الأولى، وهو السيناريو الذي توقعه الجميع تقريبًا، لكن المفاجأة أنه كان السيناريو الذي أراده الجميع أو لنقل الأغلب من الشعب العربي! 

ما حدث بين فلسطين وسوريا اليوم يصح أن يُوصف بالمؤامرة الكروية، إذ اكتفى المنتخبان باللعب الحذر والاهتمام بالدفاع على حساب المغامرة بالهجوم، لأن التعادل يؤهلهما معًا وخسارة أي منهما قد تُطيح به وتمنح البطاقة لتونس أو قطر، لكن الغريب أنها كانت أسعد مؤامرة كروية عاشها الشعب العربي، حتى أغلب أولئك المحبطين في قطر وتونس!

إن تحدثنا عمليًا وبلغة كرة القدم، يحق للمنتخبين تمامًا تطبيق هذا "العُرف" الكروي في مثل تلك الحسابات، ورأينا على مدار تاريخ كرة القدم العديد من المنتخبات تلعب لصالحها فقط دون أي اعتبارات أخرى، منتخب يُريح نجومه بعد ضمان التأهل رغم أن ذلك يضر بآخر، ومنتخب يلعب للتعادل دون أي رغبة في الفوز رغم أنه يُصدر الملل للمشاهدين، ومنتخبان يكتفيان باللعب الحذر لأن التعادل يصعد بهما معًا .. إذّا، هو ليس بالشيء الغريب أو المستحدث، وإن كان البعض لا يُفضله دفاعًا عن اللعب النظيف في كرة القدم، فالبعض الآخر يراه مجرد مصالح تتصالح! هذا بخلاف أن المنتخبين لم يسرقا التأهل، بل حققا نتائج قوية في أول جولتين مما سمح لهما بتطبيق هذا السيناريو في المباراة الأخيرة وهذا متفق عليه من الجميع تقريبًا وبحسابات كرة القدم لا غيرها.

لكننا اليوم لن نتحدث بتلك اللغة، سنبتعد عن هذا الجدل تمامًا، بل سنتحدث عن لغة العاطفة والتي طغت كثيرًا في مباريات المنتخبين الفلسطيني والسوري، نظرًا للمعاناة الهائلة التي يعيشها الشعبين منذ سنوات ومازالت مستمرة. كل العرب تمنوا تلك الفرحة للفلسطينيين والسوريين، جميعهم تمنوا أن تكون كأس العرب فرصة لإسعاد الناس في خيام غزة وشوارع القدس ومزارع الضفة الغربية، ولإدخال الفرحة في دمشق وحلب واللاذقية وغيرها من المدن السورية.

جميع الشعوب العربية تقريبًا اتفقوا ضمنيًا على القبول بتلك المؤامرة الكروية لإشعال الفرحة في المدن الفلسطينية والسورية وبين المغتربين من الشعبين، حتى الكثير من الجمهور التونسي والقطري اعترف بذلك الحب الإنساني لفلسطين وسوريا وفضله على الحسابات الرياضية، وجولة واحدة في ردود الأفعال عقب نهاية المباراة ستؤكد تلك الحقيقة، إذ كان العديد من التوانسة والقطريين أول المهنئين لفلسطين وسوريا والمدافعين عن حق المنتخبين في الاحتفال.

كأس العرب وُجدت لإسعاد الشعب العربي وإمتاعه أولًا وأخيرًا، وجل المواطنين العرب يُفضلون في الوقت الحالي فرحة الفلسطيني والسوري على فرحتهم الشخصية، لأن معاناتهم لم تكن كأي معاناة، وآلامهم لم تكن كأي آلام.

فرحة نجوم المنتخبين معًا في أرض الملعب عقب انتهاء المباراة قد تؤكد للبعض مبدأ المؤامرة، لكن الأهم أنها حظيت بإعجاب وتأييد جل العرب .. لقد كانت بحق المؤامرة التي أسعدت الشعب العربي كاملًا!

إعلان
0