موسم للتاريخ بلا أدنى شك شاهدناه في البريميرليج، حيث يحق الآن لأنصاره وضع قدم على الأخرى وقولها بكل فخر وثقة: الدوري الأقوى في العالم، الدوري الأكثر تنافسية في العالم، الآن هناك شاهداً حقيقياً على ذلك، ينافي تشيلسي كونتي وسيتي جوارديولا الموسم الماضي.
حكاية يجب أن تُخلد في صفحات التاريخ، الذي بدوره يجب أن يتخلى عن براجماتيته الرديئة في عدم تذكره لأي شيء سوى النتائج كما يدعون عليه.. أو بكلمات أخرى، عليهم أن يوقفوا بهتانهم تجاه التاريخ، فهو بالقطع سيتذكر وإن لم يتذكر فسنذكره نحن المحظوظين الذين شاهدناه من بدايته لنهايته، بل من لحظة بداية كلا المشروعين..
97 نقطة تكفي ليفربول للفوز بأي نسخة من نسخ البريميرليج السابقة عدا آخر اثنتين، كل ذنب يورجن كلوب أنه وجد سيتي بيب في وجهه حقاً!
هذا ما يُقال، وهذا هو الواقع، أو بالأحرى نصفه، فلو لم يكن سيتي جوارديولا هنا ربما ما كانت إدارة ليفربول لتنفق بتلك القوة في الآونة الأخيرة، بل أن كلوب نفسه ما كان ليغير أفكاره حيال التعاقدات والإنفاق والاكتفاء بالعمل على تطوير ما يملك، إن لم ترسخ لديه قناعة بأن تلك الأفكار ليست مناسبة لمواجهة هذا التنين.
إذاً ما العمل؟ اللعنة على جوارديولا لأنه أحبط موسم ليفربول التاريخي؟ أم كلوب هو من يفترض أن يلقي نقاطه الـ97 في أقرب صندوق قمامة؟ لماذا يجب أن يحترق أحدهما؟ نعم نعرف أنه في النهاية يكون هناك فائزاً واحداً، ولكنه لا يعني وجود ناجحاً واحداً و19 فاشلاً من حوله..
كلوب ليس فاشلاً، نعته بالفاشل لمجرد الحكم بالنتائج هو مغالطة شديدة التجني، الرجل قدم موسماً عظيماً، ولكن يندفع البعض لإنصافه فيبخس حق الطرف الآخر، وهكذا تدور الدائرة إلى النهاية لتصل المبالغة إلى حد اعتبار ليفربول أحق باللقب..
Getty Imagesأياً كان من سيفوز في نهاية هذا الموسم كان سيستحق رفع كأس البريميرليج، 98 و97 نقطة هما رقمان لا يمكن الفصل بينهما بتلك السهولة حين نتحدث عن الأحقية، كلوب عمل بجد، وكذلك بيب، منافسة في النهاية حسمتها نقطة واحدة، ليفربول حقاً كان بطلاً بلا بطولة هذا الموسم، ولكن هذا ليس خطأ البطل الآخر.
يتذكر الناس جيداً صراع بيب ضد جوزيه مورينيو في إسبانيا، لذلك نال وصولهما إلى قطبي مانشستر اهتماماً جماهيرياً كبيراً، لم يؤيده الواقع لاحقاً، لأن مانشستر يونايتد لم يكن أبداً منافساً حقيقياً لسيتي في هذا الوقت حتى ولو فاز مورينيو مرتين، كما أن مورينيو نفسه قد سقط بوضوح شديد، لم يعد نفس "الاستثنائي" الذي كان هنا في يوم ما..
مهما حاول جوزيه عبثاً تجديد هذا العداء، سواء بإطلاق التصريحات عن صفقات سيتي أو أي شيء آخر، لم يكن الأمر يحظى نفس حماس أيام الكلاسيكو أبداً، ولم ولن يحظى بنصف الحماس الذي أثاره صراع "كلوب - جوارديولا" الحالي..
هي ثنائية بدأت في ألمانيا حين كان الأول مدرباً لبوروسيا دورتموند والثاني لبايرن ميونيخ، الألماني هو العدو الطبيعي لفكر الإسباني وهو أكثر من حقق الفوز عليه، فصول استمرت من ألمانيا إلى إنجلترا وانتقلت للبطولة الأوروبية حين أقصى الريدز منافسه في الموسم الماضي، وها هي تعود لسباق النفس الأطول، وفي النهاية كانت نقطة هي الفارق..
هنيئاً لنا أولاً على متابعة هذا الصراع، ولسيتي وجوارديولا ثانياً على تحقيق اللقب في نهاية المطاف، وحظ أوفر وأطيب لهذا الرجل الذي قلما ابتسمت الكرة في وجهه، ولكنه لا يزال قادراً على العمل وتحفيز لاعبيه للأمام طمعاً في غد أفضل، أو نهائي يضل طريقه ويتركه يفوز به!
الكرة لا تمنح كل شيء مرة واحدة، لذلك عليه أن يكتفي بمعجزة أنفيلد ضد برشلونة ويكللها باللقب ليحطم عقدة النهائيات في الطريق، وليفي بوعده الذي تغنى به عقب خسارة النهائي الأخير.. ولكن أياً كان ما سيحدث، هذا الرجل لا يستحق سوى الشكر حتى من جماهير الخصوم.
