دخل سوق الانتقالات الصيفية الجاري في مرحلة حاسمة مع قرب شهر أغسطس من الإنطلاق، وزادت الأخبار المتعلقة بالميركاتو بشكل واضح خلال الأيام الماضية.
ويشهد سوق الانتقالات الكثير من الحسم في الأيام الجاري، حيث تتم الأندية الصفقات التي تراها مناسبة لدعم فرقها خلال الموسم الجديد، لكن تلك الفرق لا تدفع غالبًا قيمة الصفقة بشكل كامل طوال الوقت.
أصبحت الأندية تتبع نظام التقسيط في تسديد قيمة تلك الصفقات لأسباب عديدة دعونا نستعرضها مع مزايا وعيوب ذلك النظام:
الأسباب
بداية لابد من التوضيح أن نظام التقسيط بدأ منذ القرن التاسع عشر وتحديدًا في عام ١٨٩٩ مع انطلاق شركة "سنجر" الخاصة بماكينات الخياطة، والتي أتاحت بيع منتجاتها دون الحصول على قيمتها كاملة بشكل فوري.
لذلك يمكننا أن نقول أن التقسيط قد زامن انطلاق تاريخ كرة القدم في إنجلترا، وبطبيعة الحال تأثرت الكرة كصناعة بذلك النظام كحال كل ما حولها من صناعات.
ومن أهم أسباب انتشار التقسيط بشكل عام هو غلاء السلع، والأمر لا يختلف كثيرًا عندما يتعلق الأمر بكرة القدم، فأسعار اللاعبين غالبًا ما تكون أكبر من قدرات الأندية على الشراء، فتلجأ بشكل فوري لتقسيم تلك القيمة على أقساط معلومة القيمة وموعد السداد.
ومؤخرًا لم تصبح الأقساط بسبب غلاء الأسعار فقط، بالرغم من التضخم الكبير الذي شهده الاقتصاد العالمي، لكن بسبب قواعد اللعب المالي النظيف التي وضعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في السنوات الأخيرة.
ربما تملك الأندية قيمة الصفقات التي تسعى لها لكنها في النهاية تلجأ لتقسيطها حتى لا يختل ميزان المدفوعات مع المدخولات ويتعرض النادي للخسارة مما يضعه تحت طائلة قانون اللعب المالي النظيف، فيدفعون هذا العام ما يستطيعون دفعه دون خسارة، ثم يقسطون بقية المبلغ على عدة سنوات ربما مما لا يخل بموازينهم الإقتصادية.
المزايا
Gettyكما ذكرنا من قبل فجزء كبير من المزايا نستطيع أن نستخلصه من أسباب اللجوء للنظام نفسه، لكنه في نفس الوقت له مزايا آخرى نستعرضها معًا.
كما تستفيد الفرق التي تدفع بنظام القسط فالفرق الآخرى التي تتلقى الأموال بالأقساط تستفيد بشكل موازي يساعدهم على المدى البعيد.
قد يكون فريقًا في موقف مالي مستقر لعام أو عامين فيجد نفسه على بوادر أزمة مالية قبل أن يستحق موعد قسط من أقساط نجم كان قد باعه قبل عدة أشهر.
كل هذا بكل تأكيد بعيدًا عن المزايا المتعددة التي يحظى بها الفريق الذي يضم اللاعب، فقد نرى في حالات لاعب ينضم لنادي بمقابل مادي قليل في الأساس يتم استخدام نظام الأقساط في سداده، فيرحل بالعام التالي مقابل أضعاف ذلك المبلغ، مثلما كان الحال مع عثمان ديمبلي.
كما يوفر الكثير على الأندية فنرى برشلونة كان متمسكًا بضم جريزمان بشكل ودي من أتلتيكو مدريد للاستفادة بنظام الأقساط، لكن عند الأخير أجبر النادي الكتالوني على دفع الشرط الجزائي دفعة واحدة لشراء عقد اللاعب.
وكما رأينا أيضًا في حالة انتقال نيمار لباريس سان جيرمان، ففشل الأخير في ضم مبابي بشكل نهائي بنفس العام واضطر لضمه في شكل إعارة وتأجيل الإنتقال النهائي لموسم كامل حتى يضبط دفاتره.
العيوب
Getty Imagesكما أن لكل شيء مزايا فله وجهًا آخر، وفي نظام الأقساط الوجه الآخر قبيح للغاية ويمكنه أن يدمر أندية عريقة عن بكرة أبيها.
بعض الأندية تسيء استخدام نظام الأقساط فتبدأ في الشراء دون مشورة إقتصادية وتأخذ القروض من البنوك لتسديد الأقساط عامًا بعد عام وتستمر في الشراء دون وجود عوائد فنراها تشهر إفلاسها أحيانًا.
من العيوب الآخرى لنظام القسط هو اختلال القيمة السوقية لكل لاعب ينتقل بذلك النظام، على سبيل المثال سيشتري برشلونة غدًا لاعب بـ١٠٠ مليون يورو يدفعهم على خمسة أقساط بواقع ٢٠ مليون كل عام، وفي العام الثاني ترتفع قيمة اللاعب السوقية لـ ١٢٠ مليون، ثم ١٥٠ في العام الثالث، و٢٠٠ في العام الخامس وذلك بسبب ارتفاع الأسعار دون اتخاذ القيمة الحقيقية له في الاعتبار.
هنا نرى الظلم الذي وقع على الفريق الذي يتلقى الأقساط، فهو يتلقى ٢٠ مليون في عام ٢٠٢٣ قيمة للقسط الأخير للاعب قيمته الأساسية أصبحت ضعف ما باعه بسبب ظروف السوق وارتفاع الأسعار، في حين لو كان قد تلقى الـ ١٠٠ مليون كاملة وقت الصفقة لكان استثمرها في لاعبين بنفس القيمة بشكل فوري لترتفع قيمتهم لاحقًا.
كذلك الفريق الذي يشتري لاعب بقيمة كبيرة بنظام القسط قد يتضرر لاحقًا من تلك الصفقة، فيرحل اللاعب عقب العام الأول بسبب عدم التأقلم أو لسوء الأداء، ويشتريه فريقًا آخر بقيمة أقل ربما النصف كما يحدث في بعض الأندية، ويستمر النادي الأصلي في دفع أقساطه لسنوات.


