يُعد السباق للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2020 من الأغرب في تاريخ الجائزة حتى الآن في ظل استمرار فيروس كورونا وتأثيره على النشاط، فلا أحد يعلم كم كرة القدم الذي سيُلعب حتى نهاية هذا العام، على الرغم من أنها ستكون أقل مما كان يتوقعه الجميع في يناير.
كأس الأمم الأوروبية وأولمبياد طوكيو وكوبا أمريكا جميعهم تأجلوا، وقد كانت بطولات كتلك بمثابة الفرصة للاعبين مثل كيليان مبابي وسيرخيو راموس للحصول على ميدالية ذهبية إذا ما تم اختيارهما في المنتخبات الأولمبية مثلًا.
في هذه الأثناء يبدو من غير الوارد استئناف بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي بالنظر إلى حظر السفر والتنقل بين الدول في ظل كورونا، وهذا من شأنه أن يترك فقط الكرة المحلية وحفنة من المباريات القارية قبل توقف النشاط للحكم على أفضل لاعب في آخر 12 شهرًا.
وبالطبع مع استمرار تفشي فيروس كورونا حول العالم، لم تعد مناقشات من هو الأفضل تحظى بنفس مكانتها المعهودة، ونظرًا للوضع العالمي، من غير المؤكد أن جائزة الكرة الذهبية أو أي جائزة مماثلة سيتم منحها في عام 2020.
ومع ذلك، عندما تتحسن الأمور ويعود العالم إلى حياته الطبيعية، يتوقع أن تغمر وسائل الإعلام آراء مشجعين يدّعون أن لاعبهم هو الأفضل ويستحق التقدير، في الوقت الذي يتم فيه التقليل من إنجازات الآخرين الذين يتحدونه.
عندما تحدث فيليب لام، القائد الألماني الأسطوري لجول عام 2016 عن الأمر قال "ماذا عن اختيار المرشحين للكرة الذهبية عبر فيسبوك؟ ستكون هذه طريقة حديثة للقيام بذلك وأظن أنها ستأتي بنفس النتيجة".
إنها ظاهرة نشأت خلال فترة أصبح الفوز فيها بجائزة الكرة الذهبية شيئًا محصورًا بين لاعبين اثنين فقط، الذين سينخرطون في قائمة الأفضل عبر التاريخ بمجرد اعتزالهم.
منذ عام 2008، فاز كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي بـ11 من أصل 12 كرة ذهبية، فقط لوكا مودريتش عام 2018 تمكن من كسر هذه الهيمنة، ولكن لأكثر من عقد من الزمان كان الاختيار فقط بين فنان أرجنتيني وقوي برتغالي.
Getty/Goalباسكال فيري، رئيس تحرير فرانس فوتبول، والذي يُشرف على عملية التصويت لاختيار بطل العام، يقول في تصريحات له "مع الثنائي ميسي ورونالدو، كان لدينا أفضل لاعبين في القرن الواحد والعشرين. مثل جميع الأبطال العظماء، إنهما لا يقبلان بالمركز الثاني، لقد تصارعا عبر السنوات العشر الأخيرة واستفادت فرانس فوتبول من ذلك".
التنافس بين رونالدو وميسي إلى جانب صعود نجم وسائل التواصل الاجتماعي وعقود الرعاية لأفضل اللاعبين في العالم، يعني أن كرة القدم تدخل حقبة يسود فيها الأفراد. لقد ولّت أيام اعتبار الفوز بكأس العالم للاعبين الواعدين باعتبارها إشارة على مستقبل مهني مشرق، الآن بات الهدف النهائي هو أن يتم استدعائك لحفل الجوائز في باريس للحصول على كأس مختلف تمامًا.
جادون سانشو، نجم بوروسيا دورتموند، قال لجول في 2019 "من الواضح أنني أحلم بتحقيق الكرة الذهبية نظرًا لمن حققوها من قبل مثل رونالدو وميسي ومودريتش ورونالدينيو، لقد فاز بها أولئك العظماء، لذا أشعر أن هذا مصدر إلهام كبير لكل شخص في عالم كرة القدم".
جوناثان إيكون، مهاجم باريس السابق وليل الحالي، تحدث هو الآخر وقال "لديّ حلم لا يتغير أو يتزحزح، إنه التتويج بالكرة الذهبية".
في حين أن البعض يشكك في مزايا تحقيق جوائز فردية في لعبة جماعية، فلا شك أن الخطاب تغير كثيرًا فيما يتعلق بالكرة الذهبية، يقوم اللاعبون بتغيير أنديتهم علنًا الآن من أجل زيادة فرصهم في تحقيق الجوائز الفردية، كما تحتوي عقودهم حاليًا على بنود تخوِّل لهم الحصول على أموال إضافية عند تحقيق مثل هذه الجوائز الكبيرة.
من المفهوم أن لاعبين مثل أنتوني مارسيال وبرونو فيرنانديس لديهما في عقدهما مع مانشستر يونايتد مثل هذه البنود، ولكن بالنسبة للفرنسي البند انتهى في 2019، بينما للبرتغالي، سيحصِّل ناديه السابق سبورتينج 5 مليون يورو نظير الإنجازات الفردية، وينطبق الشيء نفسه على تحقيق الكرة الذهبية.
إذا كان هناك لاعب واحد لخص هوس الكرة الحديثة بالجوائز الفردية، فإنه حتمًا سيكون نيمار..
Getty Imagesانتقل نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان بقيمة خيالية وقياسية بلغت 222 مليون يورو من أجل أن يخرج من "ظل ميسي" بعيدًا عن كامب نو، والذي سيسمح له بأن يُصنف أنه في مستوى الليو عندما اقترب من سنوات الذروة.
بالطبع، لديه بند يتعلق بالكرة الذهبية في عقده بباريس، على الرغم من أنه بند يفيده وليس برشلونة، فسيدفع له النادي الفرنسي 3 مليون يورو إذا حصل على الجائزة أثناء تواجده في ملعب حديقة الأمراء.
قال المحامي الرياضي البارز كارلو بروسا لصحيفة لو باريزيان عند مناقشة نيمار ورغبته في الفوز بالجائزة: "إن وجود فائز بجائزة الكرة الذهبية في فريقك يضيف قيمة للنادي وللعلامة التجارية نفسها. يتوقع حضور 45 ألف مشجع إلى ملعب حديقة الأمراء للاحتفال بإنجاز نيمار، سيكون من دواعي شرفنا أن ندفع الأموال بعدها".
لم يكن ممكنًا أن تسير الأمور بصورة أسوأ مما سارت بها مع نيمار، ففي أول موسمين بقيمص بي آس جي حقق 5 ألقاب محلية ولكن الإصابات دمرت جهوده وفي خروجه خرج الفريق مرتين من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.
عانى صاحب الـ28 عامًا لدرجة أنه لم يكن في قائمة الـ30 المرشحين للجائزة، مع اضطرار فرانس فوتبول لنشر 8 أسباب لعدم اختياره، ولكن من المتوقع أن يكون في سباق جائزة 2020.
من غير المرجح أن يكون نيمار هو آخر لاعب يبدأ سعيه في الحصول على الكرة الذهبية في تحديد مسيرته المهنية، فسيكون أمثال سانشو وهالاند ومبابي في نفس الوضع تقريبًا، بهدف واحد ألا وهو البالون دور.
أولئك المذكورون وآخرون يريدون جني الأموال والشهرة، تمامًا كحال كريستيانو رونالدو الذي تبلغ ثروته 361 مليون جنيه استرليني، ويود نيمار السير على نهجه أيضًا.
Gettyلقد ساعدوا على بناء عالم كرة قدم يتمتع بجوائز الأوسكار الخاصة به على شكل حفلة الكرة الذهبية، مع جوائز لأفضل لاعبة نسائية وحارس مرمى وأفضل شابة، من غير الوارد أن يمر الوقت دون الكشف عن المدرب الأفضل أيضًا.
يوزع كل من الاتحاد الأوروبي والفيفا الجوائز السنوية في الخريف، ويأمل الاتحاد الدولي أن تتفوق جائزة الأفضل في نهاية المطاف على جائزة الكرة الذهبية من ناحية الرواج الشعبي.
يقول فيري محرر فرانس فوتبول "كونك جزءًا من أكاديمية فرانس فوتبول لاختيار الأفضل، هذا يعني شيء، ليس بالمفاجئ أن ترى حتى أصغر اللاعبين يحلمون بالجائزة، فعادةً إذا ما امتلكت كرة ذهبية، ستمتلك جميع العقود الكبيرة في شتى المجالات".
"إنها مثل السينما، يصبح الممثل الفائز بالأوسكار أكثر قابلية للتمويل، اللاعب الذي يفوز بالكرة الذهبية تزيد قيمته في السوق"
هذا هو جوهر الأمر برمته، يفهم اللاعبون وأنديتهم أهمية الجماهير، ونتيجة لذلك يضع الراعون أموالهم على من يفوز بالكرة الذهبية.
سواء أعجبك أم لا، أصبحت الكرة الذهبية الكأس الذي لا يمكن للاعب كرة قدم ناجح ألا يحلم به.
