خلف الكثير من اللاعبين قصص كفاح مُلهمة، وبطل هذه القصة، مدافع أستون فيلا، تايرون مينجز، عاش صعوبات في حياته إلى أن طرق باب المنتخب الإنجليزي الأول، وهو الشيء الذي يعتبر في بلاد مهد كرة القدم بمثابة الوصول لقمة الكرة.
وأصبح المدافع الصلد البالغ طوله حوالي 1.96 متر معشوق جماهير الفيلانس بعد أن ساعد النادي على التأهل للدوري الإنجليزي الممتاز، ما جعل أستون فيلا يضمه بشكل نهائي من بورنموث نظير 26.5 مليون جنيه إسترليني، وبعد عروضه المميزة مع النادي ضمه مدرب إنجلترا جاريث ساوثجيت إلى تشكيلة الأسود الثلاثة التي تستعد لمواجهتي بلغاريا وكوسوفو في تصفيات أمم أوروبا.
لكن إنجاز مينجز ولد بشكل حقيقي من رحم المعاناة، فعندما كان طفلاً انقلبت حياته رأسًا على عقب عندما أجبر على العيش في ملجأ مع أمه وأخواته الثلاثة لمدة عام.
في سن الثامنة، التحق بأكاديمية ساوثامبتون، لكنه فكر في ترك كرة القدم عندما استعنى عنه النادي في سن 15، لكنه تشبث بكرة القدم عندما لعب في أندية هواة مثل يات تاون ثم في تشبنهام تاون.
واضطر اللاعب للعمل في حانة وسكب المشروبات للزبائن، ثم اتجه في فترة من الفترات للعمل في الرهن العقاري لتوفير حياة كريمة لأسرته.
هذه الروح المكافحة هي التي ساعدت على صعوده في عالم كرة القدم.
لا مكان مثل المنزل
بدأت المصاعب تواجه مينجز في حياته منذ طفولته عندما وجت عائلته نفسها بلا مأوى وهو في المدرسة الابتدائية، ليضطروا للعيش في ملجأ.
شارك مينجر والدته وأشقائه الثلاثة غرفة تحتوي على سريرين بطابقين وأريكة.
وقال اللاعب لصحيفة تلجراف عن تلك الفترة "خرجت أمي من علاقة ليست جيدة ولم يكن لدينا مكان آخر نذهب إليه. عشنا في تشبنهام ولم يكن هناك أي بديل آخر، في أحد الأيام كان علينا أن ننهض ونغادر وكان هذا هو المكان الوحيد الذي يمكننا الذهاب إليه".
"أتذكر تلك الفترة بوضوح، كانت صعبة للغاية، منطقة غسيل مشتركة، حمامات جماعية كانت سيئة. كنا هناك لفترة طويلة، من 6 أشهر إلى سنة، وعندما كنت في المدرسة الابتدائية كانت فترة غير جيدة".
مرفوض في كرة القدم

بعد أن تم نقل العائلة إلى سكن اجتماعي، اتجه مينجر إلى كرة القدم. على الرغم من بنيانه الجسماني الضخم الآن، لكن ساوثامبتون استغنى عنه بداعي خفة وزنه، ورحل عنه وهو في سن الـ15 عامًا، وتحطمت أحلامه في الدوري الإنجليزي الممتاز.
مزيد من التجارب في كارديف سيتي، سويندون تاون، بورتسموث وبريستول روفرز انتهت أيضًا بمزيد من الرفض.
التحق مينجز في عام 2009 بمدرسة في ميلفيلد لمدة عامين في منحة دراسية لكرة القدم، واستغل تلك الفترة في قضاء ساعات في صالة الألعاب الرياضية لبناء جسده.
بعد مغادرته المدرسة وقع مع يات تاون الذي يلعب خارج الدوري. في صيف عام 2012، وفكر في ترك كرة القدم قبل أن يوقع في النهاية مع تشبنهام تاون.
وظائف غريبة
لتكملة راتبه البالغ 45 جنيهًا استرلينيًا في الأسبوع في تشبنهام، كان على مينجز أن يجد عملاً آخر لتلبية احتياجاته هو وأسرته.
من الصعب تصديق ذلك، لكن منذ سبع سنوات فقط كان مينجز يسحب مكابس المشروبات في حانة، ومن حسن حظه أنه وجد هذه الوظيفة، حيث رفض الكثيرون توظيفه بدوام جزئي، حيث أنه كان يُمارس كرة القدم بجانب العمل.
ذهب بعد ذلك إلى العمل كمستشار في تقديم القروض العقارية، وكان جادًا آنذاك في البحث عن مهنة بعيدًا عن لعبة كرة القدم.
وقال لصحيفة ديلي بودكاست "كانت هناك أوقات في مسيرتي الكروية حيث فكرت، هل هذا هو المسار الصحيح الذي يجب أن أسلكه، فكرت في الابتعاد عن الكرة نهائيًا".
الحظ يبتسم أخيرًا
Getty Imagesكان روسيل عثمان مدافع إيبسويتش السابق هو الذي أوصى المدرب ميك مكارثي بمتابعة مينجر، ولعب لمدة ساعة في مباراة تجريبية ضد فريق أكاديمية نايكي، واستطاع أن يحظى بثقة مكارثي.
دفع مكارثي 10 آلاف جنيهًا استرلينيًا لضمه، ويتذكر لوكي تشامبرز قائد إبسويتش تاون مينجز وقال"كان شابًا واثقًا من نفسه، ولم يكن خائفًا من اللعب مع الفريق".
وقال تشامبرز "لقد لعب في مركز الظهير الأيسر معنا، لكني كنت أعرف أنه سيكون أكثر إجادة في مركز قلب الدفاع بسبب بنيانه الجسماني. طريقة لعبه تجذب انتباهك، إنه يستغل جسده بطريقة جيدة، وهو قائد بالفطرة".
عقليته الفولاذية
Gettyبعد 3 سنوات مع إبسويتش مثلت إنطلاقته الحقيقية في عالم كرة القدم الاحترافية، وقعت أنظار إيدي هاو، مدرب بورنموث المعروف أنه يجوب الأقسام الدنيا بحثًا عن المواهب على مينجر فقرر ضمه مقابل 8 ملايين جنيه إسترليني في عام 2015.
لكن الانتكاسة المأساوية التي تعرض لها في أول ظهور له، كانت إصابة في أربطة الركبة، أعاقته عن الملاعب لمدة عام وهو في سن الـ22 عامًا.
وقال اللاعب عن هذه الانتكاسة "عندما وصل الأمر إلى تشخيص إصابتي في ركبتي وعندما أدركت طول المدة التي سأبقى فيها خارج الملاعب، خرجت أفكاري عن السيطرة".
"كنت يائسًا، لم أكن أريد إعادة التأهيل. لم أكن أريد فعل أي شيء لتحسين ركبتي، ولم أكن أريد التحدث إلى أي شخص، ذهبت لرؤية المدرب وأخبرته بشعوري، وقال لي أنني بحاجة إلى المساعدة".
لم ينس جذوره
بالنظر إلى الحياة المريرة التي عاشها اللاعب في طفولته، فقد أثرت على شخصيته، فعندما كان مع إبسويتش تاون كان يخصص وقت مع أسرته في عيد الميلاد لإطعام المشردين.
كما أن مينجر قام بشراء تذاكر لأحد المشجعين الذين لم يتمكنوا من دفع ثمنها في الماضي، واعتاد دائمًا على شراء القمصان للمشجعين.
