عند ارتباط اسم فريق مانشستر سيتي بسوق الانتقالات تحت أي ظرف أو مسمى، نتذكر جميعًا "الأموال" التي أنفقها الفريق لصناعة تاريخه الحديث، أو من الوارد أن نتذكر تلك العبارة الساخرة "آخر مليار يا شيخ" التي تستخدم عند فشل أي محاولة من بيب جوارديولا في تحقيق البطولة الأوروبية.
الفكرة أن الحديث سيدور حول المال وكيفية إنفاقه، والفكرة أن هذه التهمة ستظل ملتصقة بالفريق السماوي إلى نهاية الدهر ولن تتركه أبدًا لأنها الطريق السهل المختصر لغلق النقاشات حول التفوق الفني للسيتي أو لعبقرية جوارديولا التي تأذي البعض.
والحقيقة نحن لسنا بصدد مناقشة وضعية مانشستر سيتي بين الأندية وتقييم مستواهم الفني، لكننا نتحدث حول ارتباطهم بالفشل المالي في السنوات الأخيرة.
السيتي عاد من جديد ليكون موضع الاتهامات، لكن هذه المرة بعد نجاحه في عملية بيع لاعبيه بأسعار جيدة، فالاتهام هذه المرة لا يتعلق بالفشل المالي، ولكن بتقديم الهدايا إلى الخصوم وسط حالة اللامبالاة التي تمر بها إدارة السماوي والمدرب بيب.
ماذا فعل مانشستر سيتي هذا السوق؟
الحقيقة أن مانشستر سيتي يظل هو الفريق الإنجليزي الأكثر رفاهية بجانب زميله الأحمر من المدينة، فعلى الرغم من الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العديد من الفرق والتي تحتم عليهم صرف الأموال في إطار معين، إلا أن الفريق السماوي لا يشعر بأي ضغوطات على الإطلاق.
التعاقد مع ماكينة أهداف بوروسيا دورتموند، النرويجي إرلينج هالاند، مر بسهولة تامة وبلا أي منافسة أبدًا، فلا يوجد فريق بإمكانه دفع هذا الراتب للاعب سوى مانشستر يونايتد، الذي خسر بريقه في التعامل في سوق الانتقالات بسبب ابتعاده عن دوري الأبطال.
Getty Imagesالمشكلة لدى السيتي تكمن في عملية البيع، فيمكننا الحديث الآن حول عبقرية الإدارة بالتخلص من لاعبيها بأسعار رائعة للغاية، بل والخروج من سوق الانتقالات بأرباح مالية تصل إلى 51 مليون يورو.
النظرة من الخارج ستحتم عليك أن تمتدح تلك السياسة العبقرية التي ساعدت الفريق في سوق انتقالات واحد من التعاقد مع أهم لاعب شاب في العالم – بجانب مبابي- والخروج بأرباح مالية في نفس الوقت.
لكن بالنظر في التفاصيل والبحث عن الأسماء التي خرجت، سنجد أن لها وزنًا في الكرة الإنجليزية، بل وذهبت إلى فرق في الدوري الإنجليزي، بلا شك هي ليست منافسة على لقب الدوري حتى الآن، لكنها تستطيع أن تزعج مانشستر سيتي على مدار البطولة.
الفريق السماوي باع جابرييل جيسوس بحوالي 52 مليون يورو لنادي آرسنال، وأولكساندر زينتشيكو لنفس الفريق بحوالي 35 مليون يورو، ورحيم ستيرلينج بحوالي 56 مليون يورو للبلوز تشيلسي.
هل هي ثقة زائدة أم حاجة للأموال؟
ما حدث من إدارة مانشستر سيتي يضع أمامنا احتمالين لا ثالث لهما، الأول أن السماوي لا يشعر بالتهديد من فرق آرسنال وتشيلسي، والثاني أنه بحاجة للأموال ويعلم أن الفرق الإنجليزية ستدفع أكثر.
الفرضية الأولى يمكن تصديقها لأن آرسنال لا يزال يحاول العودة للفرق الأربعة الأولى من ترتيب الدوري، أما عن البلوز فهم في مرحلة انتقالية ستضع عليهم العديد من الضغوطات، كما أن رحيم يمر بفترة سيئة للغاية في مسيرته، ويحتاج للوقت للتأقلم والدخول في أجواء ستامفورد بريدج.
والفرضية الثانية تبدو أكثر منطقية لأنها متعلقة بهوس الإنجليز بلاعبي الدوري الممتاز، فالحقيقة أن مستوى رحيم ستيرلينج في آخر موسمين لا يجعل سعره يصل إلى 50 مليون يورو أبدًا.
وجابرييل جيسوس، حتى وإن كان هو اللاعب الشاب المتمرس في الدوري وصاحب المستقبل الباهر، فهو لا يستحق المبلغ الذي دفع فيه، كما هو الحال للظهير الأيسر الأوكراني.
إنجلترا لها قوانينها وأسعارها، ومن الوارد أن تكون تلك النقطة هي ما لعب عليها مانشستر سيتي للتخلص من هذه الأسماء بتلك الأسعار.
ما الذي تغير في مانشستر سيتي؟
السنوات الأخيرة شهدت العديد من التغيرات في عقلية مانشستر سيتي، والحديث هنا ليس عن المنظومة الإدارية فقط، بل أيضًا الأفراد.
فبعد الحديث المطول من قبل الصحافة والخصوم على الفريق السماوي أنه صنيعة المال، قال بيب جوارديولا صراحةً إن فريقه صنع من المال نعم، ولم يحاول تفسير أي شيء.
ربما تكون تلك الضغوطات هي ما غيرت سياسة البيع، وربما لا، أو المرجح لا، لكن على الأقل نستطيع القول إنها لعبت دورًا هامًا في تحريك إدارة السيتي للبحث عن موازنة الأمور.

في السابق كان يصرف مانشستر سيتي الأموال ويحصل على القليل من عملية البيع، أمر معاكس تمامًا لما فعلته إدارة ليفربول في الوقت ذاته.
حيث اعتمد الريدز على إظهار المواهب الشابة بطريقة جذابة ثم بيعهم لفرق منتصف الجدول بأموال جيدة، بجانب بيع اللاعبين الذين لم يريدهم كلوب في فريقه الأول عبر تسويقهم بشكل مقنع.
السيتي اعتمد على قوته الشرائية فقط، ولم يعط جانب البيع هذه الأهمية التي يعطيها له حاليًا، نعم نستطيع القول إن الإدارة وصلت متأخرًا، وربما لو حدث هذا الأمر قبل ذلك، لما سمعنا عن "فريق الأموال" وما كانت لتوضع تلك الضغوطات ليل نهار على جوارديولا.
