أسدل الستار على مسرحية النجم الفرنسي كيليان مبابي مع ناديه باريس سان جيرمان، والتي تعددت فصولها على مدار السنوات الماضية بسبب الجدل المثار حول مصيره مع النادي.
وقرر كيليان أن الموسم الحالي هو الأخير له مع باريس سان جيرمان، حيث أعلن رحيله نهائيًا عن الدوري الفرنسي، وخوض تحدٍ جديد في الموسم الجديد بينما تشير كل التقارير الصحفية إلى أنه أنهى اتفاقه مع العملاق الإسباني ريال مدريد.
وانتقل مبابي إلى باريس سان جيرمان من موناكو في عام 2018 مقابل 180 مليون يورو، إلا أنه وجد بعد مداولات طويلة أن أفضل قرار له هو الرحيل عن فرنسا وخوض تحدٍ جديد.
الفصل الأخير من مسرحية مملة!
وكانت مباراة باريس سان جيرمان أمام تولوز، هي الأخيرة لمبابي على ملعب حديقة الأمراء، حيث اعتبرها الجمهور بمثابة الفصل الأخير في مسرحية الفتى الفرنسي التي أصبحت مملة إلى حد ما ولم تكن نهايتها سعيدة على الإطلاق لجماهير سان جيرمان.
وفي اللقطة الأخيرة من أي عمل مسرحي، يخرج الأبطال لتحية الجماهير وكالمعتاد يحصلون على التصفيق والهتاف، إلا أن الجمهور انقسم إلى نصفين في المشهد الأخير لمبابي بين مودع بحرارة ومهاجم بشدة.
وما زاد من صعوبة المشهد، هو أن باريس البطل الذي حقق الدوري الفرنسي قبل عدة أسابيع سقط في فخ الخسارة أمام تولوز (1-3) بمشاركة مبابي، مما جعل الأمور درامية أكثر من اللازم.
بطولة في الأمتار الأخيرة
أصبحت أيام مبابي معدودة في النادي الفرنسي، حيث يخوض الفريق مباراتين فقط خلال الأسبوع المقبل، الأولى أمام مضيفه ميتز في الجولة الأخيرة من الدوري الفرنسي الذي حسمه باريس سان جيرمان قبل عدة أسابيع.
أما المباراة الأخيرة فستكون أمام ليون على ملعب بيار موروا، يوم 25 مايو الجاري في نهائي كأس فرنسا، وهي آخر مباراة في عقد كيليان مبابي مع باريس وسيكون الفوز بهذه الكأس وتحقيق ثنائية الدوري والكأس أفضل ختام له مع النادي.
ويمني النجم الفرنسي نفسه أن يساعد فريقه في الفوز باللقب المحلي، من أجل تعويضهم ولو بشيء بسيط عن الوداع القاسي لدوري أبطال أوروبا من الدور نصف النهائي على يد بوروسيا دورتموند.
ورغم أحزانه بسبب وداع دوري الأبطال، رحم القدر مبابي من أن يكون في مواجهة مباشرة مع ناديه المستقبلي (ريال مدريد) في نهائي التشامبيونزليج مطلع الشهر المقبل في ملعب ويمبلي.
ماذا حدث في حديقة الأمراء؟
وبالعودة إلى مباراة تولوز، التي ودع خلالها مبابي جماهير باريس في ملعب الأمراء، نجد أنها حملت الكثير من المشاعر المتضاربة بالنسبة للنجم الفرنسي، حيث ترك أرضية الملعب خلال عمليات الإحماء واتجه خلف المرمى لتحية رابطة ألتراس باريس التي هتفت باسمه، ورفعت صورة عملاقة له في المدرجات.
النجم الباريسي، عاش أجواءً غريبة، بعدما هتفت جماهير النادي ضده عند الإعلان عن التشكيل الأساسي، بينما نال تحية مجموعة ألتراس باريس له، والتي رفعت رسالة وداع لمبابي مضمونها: "طفل من ضواحي باريس، وأصبحت أسطورة باريس سان جيرمان".
في المقابل، شنت الجماهير العادية هجومًا شرسًا على مبابي أثناء نزوله إلى أرضية الملعب وإعلان اسمه في التشكيلة، وتكرر الأمر أيضًا خلال أحداث المباراة حيث كانت تصفر كثيرًا أثناء استلامه الكرة وحتى بعد صافرة النهاية بخسارة الفريق نال نصيبًا آخر من الهجوم.
تناقض موقف الجماهير
يرجع هذا التناقض في رد فعل جماهير باريس خلال ليلة وداع مبابي، إلى اختلاف وجهات نظرها، حيث ترى مجموعة الألتراس التي دعمت كيليان وكرمته برسالة واضحة أنه رمز كبير للنادي رغم صغر سنه، وذلك بعدما أصبح الهداف التاريخي للفريق.
وبخلاف إنجازاته المختلفة وأرقامه المثالية مع باريس، تريد مجموعة الألتراس رد الجميل للفتى الفرنسي الذي بذل كل ما في وسعه من أجل مساعدة النادي في تحقيق البطولات المحلية وحتى دوري أبطال أوروبا، وأن فشل الفريق في تحقيق الحلم الأوروبي ليس مسؤوليته بمفرده.
كما أن استمرار مبابي مع باريس سان جيرمان لأكثر من 7 سنوات، سواء بتفضيله النادي بعد انتهاء إعارته في عامه الأول أو اختياره التجديد للنادي الباريسي قبل موسمين على حساب الانتقال إلى ريال مدريد، جعل الجماهير تتأكد أن كيليان قدم كل ما في وسعه ومن حقه أن يحصل على فرصة لتحقيق حلم طفولته.
السبب الثالث والأكثر منطقية، هو الهجوم الشرس من مجموعة الألتراس على رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي، رئيس النادي الفرنسي، الذي لم يستطع أن يوفر لمبابي العوامل المساعدة لإقناعه بالبقاء في باريس من خلال التعاقد مع صفقات متوسطة المستوى.
هجوم لاذع من جماهير باريس
الجانب الآخر من الجماهير العادية، التي هاجمت مبابي ترى أنه ليس له أي حق في الرحيل عن النادي الذي قدره ماديًا ومعنويًا بكل الصور الممكنة ومنحه واحدًا من أعلى الرواتب في تاريخ كرة القدم.
وبالفعل تمسكت إدارة باريس باستمرار مبابي، وعرضت عليه الصيف الماضي عقدًا مجزيًا للغاية، لكن كيليان حسم موقفه وأبلغهم برغبته في الرحيل وهو ما تجده الجماهير العادية خيانة للنادي الذي صنع اسمه في عالم كرة القدم.
ويمثل رحيل مبابي عن باريس ضربة قوية للدوري الفرنسي، حيث يكرس للاتهام الملاحق الدائم للمسابقة بأنها "دوري الفلاحين" الذي لا يستطيع مجاراة الدوريين الإسباني والإنجليزي، وهو سبب آخر من غضب الجماهير الباريسية من قرار نجمها.
رحيل مبابي عن باريس، سيجعل مشاركته في الأولمبياد التي تستضيفها بلاده خلال الصيف المقبل شبه مستحيل، مع تمسك ريال مدريد بجميع لاعبيه خلال فترة الإعداد، وهو سبب مؤكد أنه أغضب الجماهير من كيليان الذي ضحى بحلمه وحلم بلاده في ذهبية كرة القدم وأثر بشكل كبير على طموحاتهم.
إنجازات مبابي لا تغفل
سواء رحبت أو رفضت جماهير باريس رحيل مبابي، فقد دون الفتى الفرنسي الشاب اسمه بأحرف من نور في تاريخ النادي، وأصبح بالفعل اللاعب الأهم في تاريخه بالأرقام والإحصائيات.
ولعب مبابي مع باريس سان جيرمان 307 مباراة، وسجل 256 هدفًا، مقابل صناعة 108 أهداف، وتوّج بـ6 ألقاب من الدوري الفرنسي (2018-2019-2020-2022-2023-2024)، بالإضافة إلى كأس فرنسا 3 مرات (2018-2020-2021) ومثلها في كأس السوبر الفرنسي.
وعلى المستوى الفردي، فاز كيليان بجائزة أفضل لاعب في فرنسا 4 مرات (2018، 2019، 2022 و2024).