تناثرت شائعات في الساعات القليلة الماضية عن طلب تشافي هيرنانديز من إدارة برشلونة أن تتعاقد مع نجم ليفربول محمد صلاح في الفترة المقبلة، ليكون الدولي المصري بمثابة القائد لمشروع ابن كتالونيا الجديد في ملعب كامب نو، وبمثابة أيضًا خليفة للأسطورة ليونيل ميسي.
هذه الأنباء التي لقيت رواجًا كبيرًا حول العالم، لا تتفق أبدًا مع ما هو موجود في أرض الواقع، والحديث هنا عن أزمة برشلونة الاقتصادية من جهة، والطموحات الضخمة التي يحملها محمد صلاح للمتبقي من مسيرته الكروية من جهة أخرى.
إلا إذا حدثت معجزة أو قرر صلاح أن يضحي بكل شيء، صفقة انضمام المصري إلى برشلونة قد تُصنف كالمستحيل الرابع بدون مبالغة.
أموال باريس لا تكفي ومفاجآت في إيطاليا وإسبانيا .. توقعات أبطال أوروبا




ما الأسباب خلف ذلك؟ نستعرض معكم الآن ذلك.
الأزمة الاقتصادية في برشلونة
لا يزال عقد محمد صلاح ممتدًا مع ليفربول حتى 2023، أي أنه حتى وإن قرر الخروج من أنفيلد في صيف 2022، سيتعين على النادي المهتم به دفع أموالًا لن تكون بالهينة إلى الريدز لإتمام انتقاله إليهم.
السؤال البسيط هنا، هل يمكن لبرشلونة دفع قيمة انتقال ضخمة كالمتوقع أن يطلبها ليفربول لترك صلاح يرحل؟ الإجابة بسيطة، قطعًا لا!
الأزمة الاقتصادية الحالية في برشلونة خلفت كارثة أمام إدارة جوان لابورتا تتجلى في أن النادي الكتالوني لا يمكنه إبرام تعاقدات سوى بـ10 ملايين يورو في الانتقالات الشتوية المقبلة.
صحيح أن الوضع قد يتحسن إلى حد ما في الصيف مع بيع بعض اللاعبين مثل فيليبي كوتينيو وصامويل أومتيتي وغيرهما، لكن يظل برشلونة في وضع لا يسمح له أبدًا بدفع 70-80 مليون يورو في لاعب واحد.
راتب صلاح
تعتبر الأزمة الكبرى بين صلاح وليفربول حاليًا هي الراتب، المصري يريد أن يصبح من أكثر لاعبي الدوري الإنجليزي تقاضيًا للرواتب ويتخطى كيفن دي بروينه ويقترب من كريستيانو رونالدو، فيما ترفض إدارة الريدز هذه الفكرة.
بحسب الصحف، ما طلبه "الملك" المصري من راتب أسبوعي يصل إلى 500 ألف جنيه استرليني، ليفربول يستطيع دفع هذا المبلغ، لكن عواقب هذا الراتب الضخم ستكون كبيرة في أنفيلد، فحينها سيتعين على الإدارة زيادة رواتب أغلب النجوم لتقترب قليلًا من الدولي المصري.
بإلقاء نظرة سريعة على وضع برشلونة المادي، يتضح جليًا أن البرسا غير قادر على دفع حتى نصف هذا الراتب أسبوعيًا لصلاح!
عقد برشلونة الأخير مع ممفيس ديباي مثلًا انطوى على مكافآت كثيرة لتعويض الراتب الهش المقدم له، كما خفضت الإدارة رواتب القادة مقابل وعود مستقبلية بزيادتها بعد سنوات طويلة.
هذا إلى جانب عقد ديمبيلي المقترح والذي يعتمد على عدد المشاركات ويوضح أن إدارة برشلونة تحاول بشتى السبل تخفيض كتلة الرواتب للمرور من القارعة الاقتصادية التي حلّت بكامب نو من جهة، وكذلك لتكون في الاتجاه الصحيح قانونيًا بالنسبة لرابطة الدوري الإسباني من جهة أخرى.
ولا يجب الإغفال عن أن الراتب الذي يطلبه صلاح حاليًا ليس ببعيد عن عقد ميسي الجديد السابق، بل إن البرغوث وافق على تخفيض كبير في أجره ومع ذلك حالت الأزمة الاقتصادية دون التجديد.
من باب أولى كان البرسا ليبقي على ميسي إذا ما امتلك القدرة المادية، وحتى إن كان الوضع سيتحسن بحلول صيف 2022، فمن الجنون التفكير بأن ما يطمح إليه صاحب الـ29 عامًا يمكن تلبيته في كتالونيا حاليًا.
طموح صلاح
اعترف صلاح في وقت سابق أنه يود اللعب في الدوري الإسباني، لكن السؤال الهام الذي يجب أن يُطرح هنا، ما هو حقًا طموح صلاح في الفترة المقبلة من مسيرته؟
مع التقدم في العمر، يحلم صلاح بأن ينافس على كل الألقاب ويحافظ على حالته البدنية، مع إنجازات فردية كثيرة، ليكون من الواضح أن برشلونة ليست البيئة المناسبة أبدًا لتحقيق هذه الأحلام.
من ناحية المنافسة على الألقاب، برشلونة بعيد كل البعد حاليًا عن كبار أوروبا، فالإدارة العشوائية من جوسيب ماريا بارتوميو وما خلفته من تشكيلة ضعيفة في البرسا، تجعل النادي بحاجة إلى سنوات طويلة للحاق بقمة القارة العجوز مجددًا.
صلاح يدرك حقيقة أنه يتقدم في العمر حتى وإن لم يتأثر بدنيًا، لذلك فمن باب أولى أن يذهب إلى نادٍ جاهز للتتويج بالألقاب مثل ريال مدريد عن الالتحاق ببرشلونة ليبدأ مشروع مع مدرب شاب لا يمكن الجزم بنجاحه أو فشله كتشافي هيرنانديز.
أما على الناحية البدنية، فالحقيقة أن صلاح عليه أن يقلق إن انضم لبرشلونة في ظل هذا الكم الجبار من الإصابات بالسنتين الأخيرتين، حتى أن تشافي نفسه يود أن يجد حلًا سريعًا لتلك الأزمة.
لذلك، طموح صلاح لا يتماشى مع الفترة الراهنة لبرشلونة، البلوجرانا تحتاج إلى لاعبين شباب يطمعون في نجاحات على الأمد الطويل وليست خلال السنتين أو الثلاث المقبلتين، المشروع الكتالوني واضح سواء مع تشافي أو غيره، النجاح لن يكون فوريًا أبدًا.
يمكن تلخيص ما سبق في أن أزمة برشلونة المادية تضع عائقين أمام وصول صلاح، الأول دفع قيمة انتقاله إلى ليفربول، والثاني هو دفع الراتب الذي يحلم اللاعب به، إلى جانب أن طموح المصري لا يتوافق مع الإمكانات الموجودة في برشلونة فنيًا الآن، لذلك فببساطة، انضمام ابن المقاولون العرب إلى كتيبة تشافي هيرنانديز أشبه بالسراب.
