"الأحلام شيء والواقع شيء مختلف تمامًا".. فلكل إنسان حلم يريد أن يحققه في هذه الحياة؛ ولكنه قد يصطدم بعراقيل كبرى على أرض الواقع، البعض يتغلب عليها وآخرون يستسلمون لها.
اشترك الآن على شاهد للاستمتاع بأبرز مباريات دوري روشن السعودي
هذا ما حدث للبرتغالي فيتور بيريرا، المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم بنادي الشباب السعودي، الذي جاء إلى دوري روشن للمحترفين، ببعض الأحلام التي يريد أن يحققها، قبل أن يصطدم بالواقع الأليم؛ مثلما وصفه.
ويرى المدير الفني البرتغالي أن الشباب والكثير من أندية دوري روشن للمحترفين، لم يتم تدعيمها بالشكل المطلوب، بالمقارنة مع الفرق المنتمية لصندوق الاستثمارات السعودي، وخاصة الهلال والنصر.
تصريحات بيريرا تأتي كرد صادم على خطة المسؤولين السعوديين؛ التي تهدف إلى تحويل دوري روشن للمحترفين إلى واحدٍ من أفضل 5 مسابقات في العالم، وأن يكون بمثابة "النسخة الجديدة" من الدوري الإنجليزي الممتاز، في منطقة الشرق الأوسط.
في الدوري الإنجليزي الممتاز.. جميع الأندية أصبحت قادرة على صرف الأموال في سوق الانتقالات، لجلب أبرز اللاعبين إلى صفوفها؛ حيث أن هذا الأمر لم يعد مقتصرًا على فرق القمة فقط.
هُنا.. أصبحت نتائج المباريات في الدوري الإنجليزي الممتاز "غير متوقعة"؛ ففي أحيانٍ كثيرة تحقق فرق الوسط، الفوز على أندية القمة؛ وهو السيناريو الذي أرادته المملكة العربية السعودية، في مسابقتها المحلية.
السعوديون أرادوا أن تكون جميع الأندية متساوية تقريبًا في "القوة"؛ بحيث أنه عندما يلعب الهلال والنصر مع الأخدود أو الخلود - على سبيل المثل -، تكون النتيجة مفتوحة على كل الاحتمالات.
* الدوري السعودي.. حلم التحول إلى "البريميرليج" لا يزال بعيد المنال
social gfx/ Goal Arabiaلكن.. الحقيقة هي أن المملكة العربية السعودية لا تزال بعيدة كل البُعد عن تحقيق هدفها، بأن تصبح المسابقة المحلية في البلاد "نسخة جديدة" من الدوري الإنجليزي الممتاز "البريميرليج"؛ وذلك لسببين رئيسيين هما:
- خصخصة بعض أندية دوري روشن للمحترفين دون غيرها.
- قوانين لجنة الاستدامة المالية "الصعبة".
المملكة العربية السعودية طبقت "الخصخصة"، على عددٍ قليل للغاية من الأندية المحلية؛ على رأسها "الهلال، النصر، الاتحاد والأهلي"، بالإضافة إلى نادي القادسية المملوك لشركة أرامكو.
من ناحيتها.. ظلت باقي الأندية السعودية تُعاني من نفس المشاكل القديمة "الإدارية والمالية"، بل وبشكل أسوأ بكثير؛ حيث زادت الفوارق الاقتصادية بينها وبين الفرق التي تمت "خصخصتها".
ليس هذا فقط.. بل جاءت قوانين لجنة الاستدامة المالية "الصعبة"؛ من أجل أن تزيد من معاناة هذه الأندية، وتجعلها غير قادرة على المنافسة نهائيًا، خاصة أمام سطوة الهلال والنصر المتصاعدة.
لجنة الاستدامة المالية عرقلت العديد من الصفقات العالمية، التي كانت تنوي الأندية "التي لم يتم خصخصتها" إبرامها، في صيف العام الحالي؛ مثلما حدث مع الشباب على سبيل المثال.
ماذا فعلت لجنة الاستدامة المالية مع نادي الشباب؟
الشباب أتم الاتفاق مع المدافع الإسباني ماريو هيرموسو، ولاعب الوسط البرتغالي دانيال بودينس؛ لكن.. لجنة الاستدامة المالية أوقفت تسجيليهما في قائمة الفريق الأول لكرة القدم؛ بحجة أن رئيس النادي محمد المنجم، لم يقدّم "الضمانات المالية" لرواتب هذا الثنائي، خلال مدة عقوديهما "3 سنوات".
وبالفعل.. كان الشباب على وشك الاستغناء عن نجمه البلجيكي يانيك كاراسكو، خلال صيف العام الحالي، من أجل توفير ضمانات مالية لـ"لجنة الاستدامة"؛ قبل أن يتراجع عن هذا الأمر، بعد أن باع لاعب آخر مهم في الفريق، وهو الظهير الأيسر المحلي متعب الحربي إلى نادي الهلال، مقابل 123 مليون ريال سعودي.
ومقابل هذا المبلغ الضخم.. استطاع مسؤولو نادي الشباب، أن يوفروا "الضمانات المالية" التي طلبتها لجنة الاستدامة، مقابل تسجيل بودينس في قائمة الفريق، مع الانسحاب من صفقة هيرموسو.
تشابه بين لجنة الاستدامة المالية وقوانين تيباس
Getty Imagesقوانين لجنة الاستدامة المالية في المملكة العربية السعودية، تشبه إلى حدٍ كبير قوانين "اللعب المالي النظيف" التي أدخلها رئيس رابطة الدوري الإسباني خافيير تيباس، في المسابقة المحلية ببلاده.
تيباس أدخل ما يُعرف بقوانين "1/1 - 2/1 - 4/1"، وذلك في أعقاب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تفشي فيروس "كورونا" في عام 2020؛ بمعنى.. أن يكون لكل فريق حد أقصى لرواتب لاعبيه، بناء على مداخيل النادي، فإذا كان فريقٍ ما يُعاني من أزمة مالية، لا يستطيع استخدام سوى 20% أو 50% من المساحة التي يتركها اللاعب الذي يتم الاستغناء عنه.
هذه القوانين جعلت معظم الأندية الإسبانية لا تستطيع إبرام تعاقدات كبيرة، في السنوات الأخيرة، بل أنها أصبحت مضطرة للاستغناء عن بعض من نجومها المؤثرين؛ لذلك.. وجدنا الكثير من الأسماء تخرج من الدوري الإسباني إلى المسابقات العالمية الأخرى.
أكبر مثال على ذلك.. الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، الذي لم يستطع العملاق الكتالوني برشلونة أن يجدد عقده في صيف عام 2021؛ بسبب قوانين تيباس الجديدة؛ لينتقل اللاعب إلى فريق العاصمة الفرنسية باريس سان جيرمان.
كذلك.. أوقفت قوانين تيباس، العديد من الصفقات الكبرى التي كان برشلونة ينوي ضمها إلى صفوفه، وآخرها جناح أتلتيك بيلباو الإسباني "المتألق" نيكو ويليامز؛ حيث لم يستطع النادي الكتالوني أن يقدّم "الضمانات المالية" للاعب، التي تؤكد تسجيله في قائمة الفريق الأول لكرة القدم.
أيضًا.. أتلتيكو مدريد لم يستطع لمدة عامين أو ثلاثة - قبل صيف العام الحالي -، أن يتعاقد مع نجوم عالميين كبار؛ بسبب قوانين تيباس، واستحالة تسجيل صفقات جديدة في قائمته، بمبالغ ورواتب مرتفعة.
وما ساعد الأتلتيكو في صيف العام الحالي، هو تحويل حصة كبيرة في النادي إلى "شركة مساهمة"، ما زاد من رأس المال؛ الذي سمح له لإبرام صفقات كبرى؛ مثل المهاجم الأرجنتيني جوليان ألفاريز، القادم من مانشستر سيتي الإنجليزي، مقابل 75 مليون يورو، بالإضافة إلى 20 مليونًا متغيرات.
ومع معاناة جميع الأندية الإسبانية تقريبًا.. أصبح العملاق العاصمي ريال مدريد، هو المسيطر في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، على الصفقات الكبرى والألقاب؛ حيث أنه الوحيد الذي لا يُعاني اقتصاديًا مع قوانين خافيير تيباس الجديدة.
لذلك.. فإن ما يحدث في دوري روشن السعودي للمحترفين - حاليًا -، يجعله أقرب ما يكون إلى الدوري الإسباني وليس الإنجليزي؛ في انتظار ما ستسفر عنه الفترة القادمة، من تخصيص عدد أكبر من أندية المملكة.