أرسل منتخب المغرب إنذارًا شديد اللهجة إلى جميع منافسيه في القارة السمراء، بأنه سيكون المنافس الأقوى على لقب بطولة الأمم الأفريقية 2025 التي تستضيفها بلاده في العام المقبل.
منتخب أسود الأطلس استهل مشواره في التصفيات الأفريقية المؤهلة للكان بفوز عريض على ضيفه الجابوني بنتيجة (4-1)، في مباراة شهدت احتساب الحكم الموريتاني دحان بيدا 4 ركلات جزاء، بواقع ركلتين لكل فريق، ولولا تألق الحارس العملاق ياسين بونو، لكان الأمر أكثر سوءًا.
ورغم ضمان المغرب التواجد في الكان باعتبارها البلد المضيف، إلا أن وليد الركراكي ولاعبيه يأخذون الأمر على محمل الجد وقدموا مباراة رائعة على المستوى الهجومي، لكن عابهم فقط بعض الأخطاء الدفاعية التي كلفت الفريق هدفًا.
وتخشى جماهير المغرب أن تستمر الأزمة الدفاعية مع الفريق مع انطلاق البطولة الأفريقية، ويتكرر السيناريو المؤلم بالوداع من الأدوار الإقصائية، حيث لم يحصد أسود الأطلس لقب الكان منذ عام 1976، وهي المرة الوحيدة التي فاز بها بهذا اللقب.
وترصد النسخة العربية من "GOAL" أبرز ما قدمه المغرب في مواجهة أسود الجابون، والثغرة المزعجة التي تهدد مخطط الركراكي للوصول إلى الكان.
المباريات التالية
أقوى هجوم في أفريقيا
بدون شك استحق منتخب المغرب أن يحصد المركز الرابع في كأس العالم الأخيرة بقطر، لكن ما يميز كتيبة المدرب وليد الركراكي هي أنها رفضت الوقوف عند هذا الإنجاز، والمنتخب دائمًا في تطور على يده.
ورغم الإخفاق المعتاد الذي واجه أسود الأطلس في أمم أفريقيا الأخيرة بكوت ديفوار، إلا أن المدرب الشاب نجح في إعادة ترتيب الأوراق ودمج عناصر جديدة مع الفريق المونديالي، والتي بدت منصهرة تمامًا وبينها جناس تام.
وبعد 3 أشهر فقط من الفوز على الكونغو الديمقراطية في عقر دارها بسداسية نظيفة في كأس العالم، يعود أسود الأطلس للفوز على الجابون برباعية، ويثبت الفريق أنه صاحب أقوى هجوم في أفريقيا حاليًا.
ونجح الركراكي في الاستفادة من كافة العناصر المتاحة، وتحديدًا الثنائي براهيم دياز وعبد الصمد الزلزولي المتشبع بالأفكار الهجومية بفضل الخبرة المكتسبة من اللعب لريال مدريد وبرشلونة، وبدعم أيضًا من صاحب الخبرات حكيم زياش، وهداف أولمبياد باريس ودوري أبطال آسيا، المهاجم المميز سفيان رحيمي.
هذه التوليفة الهجومية جمعت بين السرعة والمهارة، وأرهقت كثيرًا دفاع أسود الجابون بهجمات خطيرة أسفرت عن 4 أهداف، ولولا سوء التوفيق لتجاوزت النتيجة مباراة الكونغو.
زياش وأوباميانج .. الفارق كبير!
يمكن أن نطلق على مباراة المغرب والجابون، لقاء ركلات الجزاء، بعدما احتسب الحكم الموريتاني دحان بيدا 4 ركلات، جميعها صحيحة 100% وبدون شك أو اعتراض، لكن المغرب كان أكثر استفادة من هذ الأمر.
وتولى المتخصص حكيم زياش تنفيذ ركلتي أسود الأطلس بنجاح، وتحديدًا الأولى التي لعبها على طريقة "بانينكا" الشهيرة، في المقابل خذل النجم العالمي أوباميانج جماهير الجابون بعد إهداره للركلة الأولى قبل أن يصالحهم بتسجيل الركلة الثانية بقوة وثبات.
الفارق بين زياش وأوباميانج، لم يظهر فقط في ركلات الجزاء، فالنجم المغربي كان مشاركًا في كافة هجمات الأسود الناجحة، بينما أوباميانج فشل في فك شفرة الحارس المتألق ياسين بونو ولم يستغل حالة التفكك في دفاع المغرب وأهدر أكثر من فرص محققة.
نحس دياز انتهى أخيرًا!
أخيرًا تخلى النحس عن براهيم دياز، لاعب ريال مدريد، مع منتخب المغرب الذي اختار تمثيله على حساب إسبانيا، لكنه خلال 420 دقيقة تقريبًا لم يستطع تسجيل هدفه الأول مع الأسود.
وأنهى دياز سوء الحظ الذي لازمه رفقة الأسود خلال 4 مباريات سابقة، بهدف رائع في شباك الجابون، حيث وضع بصمته الأولى بقميص الأسود في مباراته الخامسة، بعدما استغل تمريرة عبد الصمد الزلزولي لاعب ريال بيتيس داخل منطقة الجزاء وحولها إلى شباك الضيوف.
وكان أنصار الأسود قد تعاطفوا مع دياز خلال الشوط الأول حين التمس من زميله زياش تسديد ركلة الجزاء الثانية، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، ليتفاعل جمهور استاد أكادير معه باحتفالية كبيرة بعد هذا الهدف.
الحذر يا ركراكي
ربما نجح الركراكي في صنع تركيبة هجومية شابة للمغرب تقوم على السرعة والدقة في تنفيذ وإنهاء الهجمات، بإسناد من خط وسط حديدي بقيادة الثلاثية سفيان أمرابط وبلال الخنوس وبراهيم دياز.
لكن الثغرة الحقيقية ظهرت في خط دفاع المغرب، الذي كان نقطة ضعف واضحة رغم أنه يضم ظهيرين من الأفضل في العالم في مركزيهما، نصير مزراوي وأشرف حكيمي، إلا أن توظيف أشرف في مركز الظهير الأيسر أضعف الدفاع كثيرًا وحرم لاعب باريس سان جيرمان من إظهار قدراته سواء دفاعيًا أو هجوميًا، بل إن الجبهة اليمنى للجابون كانت الأفضل طوال اللقاء ونجحت في الاختراق أكثر من مرة.
واعترف الركراكي نفسه بهذا الأمر في تصريحاته بعد المباراة، قائلًا: "على قدر السعادة من الأداء الهجومي، كان هناك شعور بالإحباط، سببه أداء الدفاع المهزوز، والذي لم أقتنع به، لقد تركنا مساحات للمنافس ليصل مرمانا عدة مرات، وهذا ما لم أحبذه، وينبغي ألا يتكرر في المباريات التالية".
بونو دائمًا في الموعد
وظهرت بالفعل مساحات شاسعة في خط دفاع المغرب أمام هجوم الجابون، الذي وصل كثيرًا إلى مرمى الحارس ياسين بونو، والذي رغم فوز فريقه بـ4 أهداف كان هو نجم اللقاء بدون منازع، وهذا الأمر يعكس الحالة السلبية لدفاع الأسود.
واستقبل ياسين بونو 7 تسديدات نجح في التصدي لـ6 منها بنسبة نجاح 86%، منها 5 تصديات من داخل منطقة الجزاء، بينما قدم الدعم في طريقة لعب الفريق بـ42 تمريرة ناجحة من أصل 46، ولعب أيضًا 6 كرات طولية ناجحة.
وكان بونو صاحب المركز الثاني في التقييم الأعلى بين لاعبي المغرب (7.8)، حيث لم يتفوق عليه سوى حكيم زياش صاحب الهدفين ونجم اللقاء على المستوى الهجومي.