يعد المدرب الإيطالي عنواناً للتميز دائماً في كرة القدم، وأن يدرب فريقك مدرباً من بلاد يحكمها التكتيك والإعداد البدني الصارم بمثابة شهادة ضمان، ولذا نجد نجاحات كارلو أنشيلوتي في ريال مدريد المستمرة، والعدد الكبير من الإيطاليين في أمم أوروبا الحالية بألمانيا.
الاتحاد قرر الرهان على المدرسة الإيطالية عقب الأنباء عن اتفاق وشيك مع ستيفانو بيولي لتدريب الفريق الموسم المقبل عقب الموسم الأخير المخيب بداية مع نونو سانتو ثم الفشل الذريع لمارسيلو جاياردو، ليكون مدرب ميلان الأسبق هو الخيار لإعادة تصحيح بيت النمور من جديد.
لا خلاف على أن بيولي من الأبرز على الساحة الإيطالية بالسنوات الأخيرة على الصعيد التدريبي، الرجل الذي يملك محطات في ميلان، إنتر، فيورنتينا، لاتسيو، وغيرها قدم نفسه بشكل بارز، ولكن رغم ذلك هناك انقسام كبير عند تقييمه، بين الإشادة ووضعه في مصاف الصفوة، أو التقليل منه ووصفه بالمحظوظ ليس أكثر والمتواضع فنياً، وفترته في ميلان بالتحديد على مدار الخمس سنوات الماضية هي السبب وراء الانقسام.
قبل تعيينه لتدريب الروسونيري في 2019، كان بيولي مدرباً يقدم كرة ممتعة ويصنع فرقاً تنافسية كما فعل في لاتسيو وفيورنتينا، ولكن ليس بصائد بطولات، والدليل أنه يملك في رصيده بطولة وحيدة كمدرب، ولكن وصوله لقيادة ميلان شهد نضوج المدير الفني ونقطة تحول في مسيرته.
المباراة التالية
قاد بيولي ميلان لمنصات التتويج وتحقيق لقب الدوري في 2022 ليحقق بطولته الأولى كمدرب، ويعيد الشيطان الأحمر للألقاب بعد صيام طويل، بطولة وصفها البعض بالمعجزة لأن الفريق الذي امتلكه المدير الفني كان يخلو من النجوم تقريباً بقيادة زلاتان إبراهيموفيتش وأوليفييه جيرو "كبار السن"، وفقط يمكن وصف مايك مينيان، تيو هيرنانديز، وفرانك كيسييه بالمميزين، والبقية لاعبون فاقوا التوقعات مثل فيكايو توموري وأليكسيس ساليماكيرز ورادي كرونيتش وجونيور ميسياس.
أعاد بيولي ميلان فريقاً ينافس محلياً وقارياً، قبل الفوز بالسكوديتو نافس إنتر على لقب الدوري العام السابق، وبدأ في العودة تدريجياً قارياً، ولكن "نكسات" الفريق معه بالديربي تحديداً ضد الجار كانت ربما أبرز الأسباب التي جعلت جمهور الروسونيري نفسه يطالب برحيل الرجل.
خسر ميلان آخر ست ديربيات ضد إنتر في رقم قياسي لم يحدث من قبل بتاريخ المباراة الشهيرة، ومنها خسارة بنتيجة 5-1 وخسارتين بنصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وأخرى بنهائي السوبر الإيطالي، وأخيرة توجت إنتر بلقب السكوديتو على حساب غريمه التقليدي، ولذا يمكن تفهم شعور مشجع ميلان الذي لا يريد سماع سيرة بيولي من جديد في ظل الذل والإهانة التي لم يتعود عليها ضد الجار وعاشها في عصر بيولي.
نجح بيولي في إعادة التنافسية إلى بيت ميلان، معه استعاد لقب الدوري وبلغ نصف نهائي دوري الأبطال للمرة الأولى منذ 10 سنوات وأكثر، وأصبح رقماً صعباً أوروبياً وإن كان لم يعد بالتأكيد لنفس مستوى العملاق القاري الذي كان عليه بالماضي ولكن على الأقل استعاد بعضاً من مكانته، ولكن انبطاحه وانهزاميته أمام إنتر، والجميع يعرف ماذا يعني ديربي ميلانو، ستظل نقطة سوداء في مسيرة بيولي، وتبريراته السطحية عقب كل لقاء من نوعية "إنتر لعب 10 دقائق فقط وكنا الأفضل في البداية، أو الشكوى من التحكيم" لم تساعده وأزادت الوضع سوءاً.
مقامرة كبرى من الاتحاد اختيار بيولي لإعادة الفريق للمسار الصحيح، لا خلاف على إمكانيات الإيطالي الفنية، ولكنها تجربته الأولى خارج إيطاليا كما كان الحال مع جاياردو الذي صال وجال مع ريفر بليت وأخضع قارة بأكملها ثم فشل بشكل ذريع في السعودية، وسجل الاتحاد الموسم الماضي ضد الكبار وتحديداً الهلال سيلقي بظلاله قبل المباريات الكبرى لبيولي مع الفريق وهو الذي سيكون مطالباً بإثبات نفسه ونسيان ما حدث في ميلانو ضد أزرق آخر إذا أراد إقناع جماهير النمور به، وهي التي من قبل تعيينه وأبدت رفضها للإيطالي بهاشتاج #بيولي_مرفوض على وسائل التواصل.
حتى الآن لم يُعلن القرار رسمياً بتعيين بيولي مدرباً للاتحاد، الرجل ألمح للأمر رسمياً بصورة على حسابه وحذفها، ثم خرجت تقارير عن مفاوضات مع كريستوف جالتييه وعن تعقد الأمور بخصوص إنهاء عقده المستمر بعد مع ميلان، فهل هي إشارة إلى إدارة "الأتي" ربما للتفكير قبل المضي قدماً؟ أم أن القرار اتخذ وسيصطبغ الاتحاد بالألوان الإيطالية؟ الساعات القادمة ستحدد الكثير في مصير الاتحاد وموسمه!