يملك لوشيانو سباليتي مقولة خالدة تقول: "رجال أقوياء مصير قوي، رجال ضعاف مصير ضعيف، لا يوجد طريق آخر"، الشطر الأول من تلك المقولة دائماً ارتبط بمسيرة المدرب حتى عندما لم يحقق البطولات في روما أو إنتر، ولازمه في نابولي بعد أن أثبت صحة كلامه بمعجزة الدوري، ولكن ما حدث في صيف 2024 يثب صحة الشطر الثاني من المقولة أيضاً.
"فضيحة"، "عار"، "المنتخب الأسوأ في العصر الحديث، أسوأ حتى من فينتورا"، كانت تلك تعليقات أبرز الصحف والمحللين الإيطاليين عقب خسارة الأتزوري من سويسرا 2-0 ووداعه اليورو التي يحمل لقبها بعرض حقاً يعجز اللسان عن تحليله مده سلبيته، قد تخسر المباراة ولكن أن لا تظهر مقاومة ولا ترد الفعل وتبدو مستسلماً لفكرة الهزيمة بذلك الشكل ومن فريق بحجم إيطاليا، كان هذا هو ما جعل الأمر كارثياً وبرر ردود الأفعال الغاضبة والمستهجنة من الإيطاليين وإعلامهم.
ولكن على النقيض، وعلى غير عادته، خرج لوشيانو سباليتي ليبرر ما حدث، نعم حمل نفسه المسؤولية، ولكن غاص في بحر من الأعذار، أولاً العذر الأسهل عدم وجود وقت كاف للتحضير، ثم أن لا يوجد ما يمكن تقديمه بتلك المجموعة أكثر مما تم تقديمه، بل ذهب به الحديث حتى إلى درجة الحرارة وتحميل بطل إيطاليا إنتر المسؤولية لأنه حسم الدوري مبكراً وجعل لاعبي الفريق غير محفزين ذهنياً!
لا تملك إيطاليا جيلاً مميزاً، باستثناء ربما الثلاثي جيانلويجو دوناروما الذي أبدع في ألمانيا 2024 وفعل ما عليه، ونيكولو باريلا وأليساندرو باستوني وحتى هذا الثنائي كان ينتظر منه الأفضل باليورو، الفريق الحالي مجموعة من اللاعبين العاديين، وهناك نقص في مراكز عدة بالأتزوري، ولكن، في 2016 لعب أنطونيو كونتي بإيدر وجياكيريني وبيلي وفاز على إسبانيا وبلغ ربع النهائي وخسر فقط بركلات الترجيح من الألمان، وكسب احترام بني جلدته.
المباريات التالية
يملك سباليتي مبرراً لبعض من أعذاره، ولكن لا يمكن أن تبرر الإبقاء على لاعب مثل جيوفاني دي لورينزو الذي وصفه بنجله بكم الكوارث التي ارتكبها، ولا يمكنك في كل مباراة أن تغير الرسم التكتيكي ومفاتيح لعبك، وتضع اللاعبين في غير مراكزهم الطبيعية، وتنتظر حدوث المعجزة.
انشغل مدرب نابولي السابق بوضع قواعد ما خارج الملعب على ما يبدو أكثر من داخله، منع البلاي ستيشن والسماعات، وهي قرارت تبدو صحيحة لزيادة اللحمة بين المجموعة، ولكن ربما كان يجب التركيز أكثر في تطوير تلك المجموعة "كروياً".
يتحمل سباليتي ومجموعته الحالية من اللاعبين المسؤولية عن ما حدث في ألمانيا، ولكن هل الحل إقالته؟ خيار الإبقاء عليه وإعطاء الفرصة لإكمال المشروع وصولاً لمونديال 2026 لن يكون خاطئاً وسيكون تحت شعار الاستقرار، وخيار إقالته الآن وتعيين ماسيمليانو أليجري أو ستيفانو بيولي المتاحان وبناء مشروع جديد أيضاً سيكون خياراً جذاباً، ولكن في الحالتين طرف واحد في المعادلة سيتغير وهو المدير الفني وسيبقى الطرف الآخر الخاص باللاعبين، وإن كانت تجربة كونتي علمتنا أن المدرب قد يكون بمفرده كافياً لصنع الفارق.
صدق جوزيه مورينيو وكارلو أنشيلوتي قبل اليورو عندما استبعدا إيطاليا من الحسابات، ولن تكون مبالغات أبداً إذا بدأ الحديث منذ الآن عن احتمالية تكرر الكابوس لمرة ثالثة ولا نرى إيطاليا في كأس العالم 2026 ارتكازاً على ما يحدث الآن والصورة القاتمة التي رسمها "ضعاف" سباليتي في يورو 2024.