أيام صعبة يمر بها برشلونة، لم تبدأ مع انطلاق الموسم بل مع خسارة الفريق ضد ليفربول في مايو 2019 والخروج بشكل مهين للعام الثاني على التوالي من دوري أبطال أوروبا، لينتهي حلم الثلاثية الثالثة بتحقيق لقب الدوري الإسباني فقط.
أيام عاشها برشلونة بوجود إرنستو فالفيردي ثم كيكي سيتيين والآن رونالد كومان، مع وجود إدارة تسبب في الكثير من الأزمات اقتصاديًا ورياضيًا بقيادة جوسيب ماريا بارتوميو ومشاكل داخل غرفة الملابس.
أزمة ليونيل ميسي وطلبه الرحيل ثم إجباره على الاستمرار ليبدو في الملعب بشكل أقل من المنتظر وكأنّه يعد الأيام ليترك فريق عمره، برشلونة.
في وسط كل هذا يبرز رونالد كومان، اللاعب الأسطورة الذي جلب ذات الأذنين للمرة الأولى في تاريخ برشلونة، ليكون البطل المنقذ، لكنّه لم يكن كذلك!
هل كومان ضحية الظروف المحيطة ببرشلونة والتي توفر عوامل الفشل أكثر من النجاح؟ أم أنّه أحد أسباب ما يمر به الفريق في الوقت الحاضر؟
التخبط والفشل في كل مكان
imago images / Agencia EFEبرشلونة يعيش فترات صعبة لم يمر بها منذ 2003، أي أنّ أغلب المعاصرين للجيل الذهبي وأغلب نجومه لم يعيشوا هذه الفترة.
إدارة متخبطة تسببت في أزمات اقتصادية بضم صفقات باهظة التكلفة لتلعب في مراكز لا يحتاج فيها برشلونة لأي لاعب بل ودورهم مزاحمة ميسي في مكانه المفضل.
الإدارة أيضًا متهمة بالتعاقد مع شركة وظيفتها إهانة اللاعبين وتحميلهم المسؤولية كاملة عن أزمات الفريق لتخرج وتخرج هي بريئة، وهو الأمر الذي دفع ميسي – الهادئ المنطوي – للخروج عن شعوره ومطالبة الجميع بتحمل الجزء الخاص بهم من المسؤولية.
وما زاد الطين بلة، جائحة كورونا والأزمات المالية التي دفعت الإدارة للمطالبة بخفض الرواتب، ثم في الأخير فضيحة جديدة وهزيمة بثمانية من بايرن ميونخ ومغادرة دوري أبطال أوروبا.
في وسط كل هذه الأمور جاء رونالد كومان، وأعتقد حتى لو جاء أفضل مدرب في التاريخ لعانى من الفشل والتخبط، ولكن ...
أول فوز على يوفنتوس بملعبه والبداية الأسوأ منذ 1996 .. برشلونة بين السلب والإيجاب
الأفكار الفنية
Gettyحينما جاء كومان، قرر اللعب برسم 4-2-3-1 وطلب ضم فينالدوم وديباي وذلك بحثًا عن النجاح السريع مع أسماء يعرفها وتعرفه، ولكن لم يضم هذه الأسماء، فقرر التخلص من لاعبين مثل ريكي بوتش وحينما فشل قرر عدم منحه أي فرصة للمشاركة سوى في دقائق قليلة بين الحين والآخر.
4-2-3-1 ساعدت الفريق على الانتشار العرضي بشكل أفضل من السابق، وأوجدت أجنحة حقيقية رغم أنّه أحيانًا يضع كوتينيو في الرواق الأيسر وجريزمان في الجهة اليمنى فيفقد هذا الامتياز، لكنّه أخل بالعديد من الأمور وعلى رأسها العمق الهجومي.
الأزمة الأكبر أنّ تعامل كومان مع المتغيرات سيئ، ففكرة إخراج لاعبين من الوسط لأجل زيادة الهجوم وتحويل الرسم إلى ما يشبه 2-0-8 أمر لا يفيد الفريق بل يجعله عرضه لاستقبال الهجمات.
الكارثة الأكبر أنّه جرّب هذه الأمور مرارًا ومع ذلك فشل في كل مناسبة، ورغم ذلك لم يفكر أبدًا في تغيير الرسم أو منح أسماء مثل بوتش وآلينيا فرصًا أكبر.
عناد كومان تسبب في السقوط أكثر من مرة أمام منافسين أقل خطورة من برشلونة، ولو كان المدرب مرنًا لتحسنت النتائج قليلًا عن ذلك.
الحالة النفسية
Getty Imagesأحد الأزمات التي يعيشها الفريق الكتالوني تتمثل في الأخطاء الدفاعية الكثيرة خلال الموسم، فلولاها لما خسر برشلونة العديد من النقاط.
ربما يكون السبب وراء هذه الأخطاء الوضع النفسي الذي يعيشه الفريق والتخبط المستمر، ربما يكون بسبب قلة الحماية من لاعبي الوسط، أو ربما بسبب ضعف الإمكانيات الفردية للاعبين.
لو قلنا المشكلة في اللاعبين، فهذه الأسماء لم ترتكب مثل هذه الأخطاء بهذا التكرار في الماضي ولذلك فإنّ الأزمة تكمن في قلة الحماية مع حالة نفسية سيئة جعلت برشلونة يخشى الخسارة أكثر مما يتطلع للفوز.
هل الأزمة نفسية أمر جديد ومفاجئ لكومان؟ لو كان كذلك فهي مشكلة كبيرة للمدرب، فبرشلونة في وضع نفسي سيئ منذ نهاية موسم 2018-2019، وأي متابع للفريق يعرف هذه المعاناة.
كان على كومان إيجاد حل لهذه الأزمة النفسية وخلق الدوافع الجديدة، أو استغلال الشباب الذي يبحث عن إثبات نفسه لمنحه فرصة وثقة أكبر، ولكن بدلًا من ذلك قرر الاستمرار بنفس النهج السابق.
اختصارًا، كومان وجد نفسه في ظروف صعبة لا تساعد على النجاح، لكنّه كان مدركًا لها وكان لديه بعض الحلول لتقديم أفضل من ذلك، خاصة وأنّ الغريم ريال مدريد لا يقدم موسمًا خياليًا ويتعثر أمام قادش وديبورتيفو ألافيس.
كومان مظلوم لأنّه تولى برشلونة في أسوأ فترة له منذ 27 عامًا، لكنّه ظالم بسبب عناده وإصراره على تكرار الأخطاء وفشله في قراءة المنافس، وفي الأخير فقد ظلم كومان نفسه قبل أن يظلم الفريق الكتالوني!


