في يوم من الأيام، كان ليدز يونايتد الفريق الذي تجرأ على الحلم.
كان الفريق شابًا وحيويًا ومثيرًا وأنيقًا في لعبه، مع ديفيد أوليري المدرب الذي كان يخوض تجربته التدريبية الأولى، فصعد به من وسط الجدول للقمة، بل ودخل الألفية الجديدة بثوب الأبطال باحثًا عن المجد المحلي والقاري.
لم يصبح الحلم حقيقة واقعًا، وفي النهاية تحول إلى كابوس بسبب سوء الإدارة، والانهيار المالي، لكن لفترة وجيزة كان ليدز الفريق الذي يُسر الناظرين.
سقوط ليدز خلق مفهوم جديد في كرة القدم الإنجليزية، هناك مصطلح بات معروفًا جدًا لجرح ليدز يسمى 'Doing a Leeds' أو تجربة ليدز، وهي لتحذير الأندية من تكرار ما عانى منه ليدز.
هذا المصطلح أصبح مرادفًا للأندية التي تفشل في الإدارة المالية لفرقها، وهو ما ينطبق على ليدز الذي سقط من القمة للأسفل لدوري الدرجة الثانية (لأول مرة في تاريخه) في غضون سنوات قليلة!




ليدز عانى من انهيار مالي لأن إدارته المالية كانت قمة في السوء، فبعد أن نجح الفريق في الوصول لنصف نهائي دوي أبطال أوروبا 2001، وتجاوز مستوى إنفاقه كل الأندية الأخرى، ارتفعت الديون من 9 مليون إسترليني إلى 21 مليون ثم إلى 39 مليون، وبلغت ذروتها عند حوالي 119 مليون جنيه إسترليني!
هذه الديون جاءت بسبب رواتب اللاعبين وصفقات الانتقالات، فالنادي كان يُخطط للحفاظ على تفوقه في المنافسة الإنجليزية بجلب الكثير من النجوم، لكن موسم 2002/2003 كان ضربة قوية للنادي بفشله في التأهل لدوري أبطال أوروبا باحتلاله المركز الخامس.
هنا النادي لم يعد قادرًا على سداد ديونه التي كانت تعتمد على ما يعود عليه من عوائد البث من وجوده في المنافسة الأوروبية، فبدأت عملية الانهيار المالي، واضطر لبيع نجومه!

بعد تألقه الأوروبي ووصوله لنصف نهائي الأبطال، قام رئيس النادي بيتر ريدسديل بمواصلة الإنفاق القوي على صفقاته لأنه كان يظن أنه سيعوض ما أنفقه عندما يواصل التأهل للمسابقة الأوروبية في المستقبل.
قام ريدسديل باقتراض 60 مليون جنيه إسترليني مقابل إيصالات مستقبلية، لكن جاءت الضربة الكبرى في عامي 2002، 2003 حيث فشل ليدز في التأهل لدوري الأبطال، وفشلت خطط ريدسديل، واضطر لبيع نجومه بشكل تدريجي.
فرديناند وروبي كين وروبي فاولر رحلوا عن النادي عام 2002 مقابل 43 مليون جنيه إسترليني، وتم بيع وودجيت إلى نيوكاسل مقابل 9 ملايين جنيه إسترليني في يناير 2003 كان ذلك يعتبر القشة الأخيرة للكثيرين، بما في ذلك المدرب تيري فينابلز، الذي حل محل المدرب ديفيد أوليري.
في عام 2003، أنهى ليدز الدوري الممتاز في المركز الخامس عشر، في السنة التالية هبط لدوري الدرجة الأولى.
وعندما استقال ريدسديل من رئاسة النادي في مارس 2003. كانت قيمة ليدز تبلغ 12 مليون جنيه إسترليني مقابل ديون بلغت 79 مليون جنيه إسترليني، وظهرت تفاصيل الأموال التي كانت تبدد بشكل مبالغ فيه للغاية في شكل تعويضات للمديرين الفنيين الذين تتم إقالتهم وأجور باهظة للاعبين.
قبل فترة أخرج أوليري كتاب له يتحدث مخصوص عن فترة ليدز، وعن أسباب عدم اكتمال الحلم، وعن الدروس المستفادة من تجربة النادي.
Getty Imagesإن كان هناك نادٍ يجب عليه أن يحذر من هذه التجربة التي باتت تُدرس، فهو آرسنال، فالنادي وبحسب مسؤوليه يمتلك فاتورة أجور كأنه يلعب في دوري أبطال أوروبا، وقام بصفقات "بالتقسيط"، علمًا أن المالك ستان كرونكي لا ينفق شيئًا على النادي بل يعتمد النادي على المداخيل في الإنفاق، وهذا ما يحمل ميزانية آرسنال الكثير إن فشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا.
كما شوهد في كثير من المباريات في بطولة الدوري الأوروبي فالمقاعد خالية، والنادي بسبب نظام تقسيط الصفقات مطالب بالوصول لدوري أبطال أوروبا التي تضمن بيع المزيد من التذاكر والمزيد من الإيرادات لسد احتياجاته من اللاعبين والإنفاق على نفسه.
قد يجد آرسنال نفسه مضطرًا لبيع نجومه مثلما فعل ليدز لأنه فشل في الوصول لدوري الأبطال وبالتالي انخفاض صفقات الرعاية والمداخيل وحتى مبيعات التذاكر، وهنا قد ينتهي الحال بآرسنال كما انتهى بليدز يونايتد ويخرج من صورة أندية القمة.
