ما وراء المنطق - الأفضل في التاريخ؟ ميسي أم كريستيانو رونالدو

لا تمر بطولة أو مناسبة أو حتى مباراة واحدة دون أن تتردد هذه الكلمة باستمرار "الأفضل في التاريخ".

الأفضل في التاريخ.. جملة صارت مصدر خلاف دائم بين الجميع، البعض يقول ميسي وغيره يقول رونالدو ويأتي ثالث ليهاجم الثنائي معللًا بأننا لم نرى عظمة بيليه أو عبقرية دييجو مارادونا.

الفوز بدوري أبطال أوروبا في أكثر من مناسبة قد يكون إنجازًا كبيرًا، ولكن الفشل في التتويج بكأس العالم حتى لو وصلت لخوض المباراة النهائية فهذا ينسف تاريخك بأكمله ويجعلك لا تساوي شيء أمام مارادونا وبيليه.

صراع الأفضل في التاريخ لن يتوقف ولا أعتقد أنّه سيأتي يوم ولو حتى بعد اعتزال ميسي ورونالدو كرة القدم ولا يذكر الجمهور أن لاعبهم المفضل هو الأفضل على الإطلاق.

الأفضل

ما الذي تعنيه كلمة الأفضل في التاريخ؟

لو تحدثنا بلغة الألقاب، فإن الفرق هي من تحصل على هذه البطولات، فبرشلونة حقق 34 بطولة بوجود ميسي و16 لريال مدريد مع رونالدو.

هل جائزة الكرة الذهبية هي الحاسمة؟ بالطبع لا، لأنها ببساطة تعتمد على التصويت وفي بعض الأوقات تكون الأهواء لها دور في ذلك وهناك سنوات حققها ميسي أو رونالدو ولم يكن أحدهما يستحق.

إذًا ما الذي يحدد الأفضل؟ الجمهور فقط، فمن يشجع ريال مدريد ويتابع ما يقدمه رونالدو يراه الأفضل، ومن يؤيد برشلونة يقف في صف ميسي، وجمهور الفرق الأخرى لهم آراء متباينة بحسب رؤيتهم للعبة.

الأفضل هو مصطلح شخصي يعبر عن وجهة نظر فردية، وكل مشجع لديه الحق في اختيار اللاعب الذي يراه الأفضل ولكن هذا لا يعني أن هذا قانون أو حقيقة بقدر ما هو مجرد رأي نتفق أو نختلف عليه كما يحلو لنا.

بيليه مارادونا ميسي

Getty

تتردد دائمًا مقارنة غير منطقية بين بيليه ومارادونا وميسي وكريستيانو رونالدو حول الأفضل في التاريخ؟ ولكن كيف يمكن مقارنة لاعب اعتزل قبل أن يولد اللاعب الآخر؟

بيليه تألق مع سانتوس ومنتخب البرازيل ولكن في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مارادونا بدأ مسيرته الكروية مع اعتزال بيليه وأنهى مسيرته الكروية في نهاية التسعينات.

هل يعقل أن يوجد إنسان شاهد جميع مباريات بيليه ومارادونا وميسي ورونالدو ليصدر حكمًا أو يقارن بينهم؟ الأمر يبدو صعبًا إن لم يكن مستحيلًا، فنحن في هذه الحال نتحدث عن شخص عجوز يقترب من الثمانين من عمره وهم قلة بين مشجعي كرة القدم.

حتى لو تواجدت مقاطع للفيديو لتظهر عظمة بيليه أو مارادونا، فلا يمكن أن تقارنهم بلاعب يمكن متابعته في كل أحواله حينما يكون في القمة وحينما يتراجع مستواه.

فنحن شاهدنا وعرفنا أرقام ميسي ورونالدو ولكن لم نتابع بيليه ومارادونا بالطريقة ذاتها، ولم نراهم في أسوأ أحوالهم قبل الأفضل.

كأس العالم

Getty  السبب الأخير الذي يدفع البعض لرفض وجود ميسي أو كريستيانو رونالدو على رأس قائمة الأفضل في التاريخ هو الفوز بكأس العالم.

مسيرة بيليه استمرت لأكثر من ربع قرن، ونحو عشرين عامًا لمارادونا، وقد تستمر مسيرة ميسي أو رونالدو لفترة مماثلة، ومع ذلك نضع بطولة كل أربع سنوات تلعب لشهر واحد معيارًا للأفضل في التاريخ.

ذكرت من قبل أن البطولة عمل جماعي وليس فردي، مارادونا كان أن يخسر نهائي كأس العالم في 1986 بعد تقدم الأرجنتين ثم تعادل ألمانيا وقبل 9 دقائق على نهاية المباراة فاز التانجو.

ميسي وصل لثلاث نهائيات في الكوبا ونهائي كأس العالم في 2014 ولكنّ الأرجنتين خسر اللقب أمام الألمان أيضًا في الوقت الإضافي وقبل نحو 9 دقائق أيضًا من نهاية المباراة.

إذًا 9 دقائق قد تحكم مسيرة لاعب بأكمله، لو تألق فريقه صار الأفضل ولو فشل خسر كل شيء.

الأمر غير منطقي للغاية، فالحكم على لاعب لا يكون اعتمادًا على بطولة واحدة ولكن على مسيرة كاملة، ميسي ورونالدو قدما كل شيء مع فرقهم والبرتغالي حقق اليورو 2016 والأرجنتيتي وصل لأربع نهائيات في بطولات كبرى.

الخلاصة

Getty Images  كرة القدم لعبة جماعية، ووجود ميسي مع أفضل نسخة من برشلونة بالطبع كان عاملًا هامًا للتتويج بهذه البطولات، ولكن هذا لا يعني أن ليو أو كريستيانو رونالدو في مستوى أقل.

الثنائي يقدم كرة قدم مختلفة، ميسي يراوغ ويصنع ويبني الهجمات ورونالدو هداف بالفطرة ويستطيع التسجيل من نصف فرصة ويمثل خطورة على أي دفاع.

كل مشجع له الحق في التصويت لأحدهما، من يرد وصف الأفضل في التاريخ أن يكون من نصيب أحدهما فله الحق في ذلك، ولكن الأهم أن نفهم أن هذه مجرد آراء وليست حقائق.

بالنسبة لي أرى أن كرة القدم مثل أفلام السينما، لا يمكن أن نقول إن هناك فيلمًا هو الأفضل على الإطلاق، المصطلح الأدق هو الفيلم المفضل.

فضّل من تراه الأفضل واحترم آراء البقية، هكذا أسست كرة القدم!