World Cup 1950Getty Images

كوبا ديل موندو | من هم بالخارج مجرد قطع من الخشب


إسلام أحمد    فيسبوك      تويتر

بعد غياب 12 عاما، يعود كأس العالم مرة أخرى، بعد نهاية الحرب العالمية، وسياسات غيرت القارة الأوروبية، وفي يوليو 1946 بلوكسمبورج تم عقد أول كونجرس للاتحاد الدولي "فيفا"، من أجل إقامة كأس العالم 1949.

محاولات الدول الأوروبية إعادة إعمار البلاد بعد الخراب الذي دام لخمس سنوات، لم يجعل هناك منافسة للبرازيل، لتفوز البرازيل بحق استضافة البطولة، لكن تم تأجيل إقامة البطولة لعام أخر من أجل منح بلاد السامبا فرصة لاستكمال تجديد المنشأت الرياضية وبناء ملعب "ماراكانا" الذي بٌني من أجل البطولة خصيصا.

نظام كأس العالم 1950 بالبرازيل شهد تغيير في نظام البطولة عن النسختين السابقتين، حيث يقام دور المجموعات بين أبطال المجموعات الأربعة من أجل أن يتوج أحدهم باللقب وتلك هي المرة الوحيدة التي أقيمت بطولة بهذا النظام.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

بسبب الحرب، فتم رفض طلب اليابان وألمانيا بالمشاركة، بينما شهدنا الظهور الأول لإنجلترا التي اعترضت على فكرة البطولة من البداية، دول ستار الحديدي المكونة من الاتحاد السوفيتي ووصيفي نسختي 1934، 1938، تشيكوسلوفاكيا والمجر رفضوا المشاركة، ليشارك 13 منتخبا فقط في البطولة.

الهند رفضت المشاركة بسبب رفض طلبهم باللعب وهم حفاه، أسكتلندا رفضت المشاركة لأنها غير ملائمة، البرتغال لأسباب فنية، بينما فرنسا والتي تواجدت في المجموعة الرابعة رفضت السفر للبرازيل بسبب ضيق الوقت بين مباراتيهما أمام بوليفا وأوروجواي وطول مدة السفر بين المدن المستضيفة.

World Cup 1950Getty Images

دون الدخول في تفاصيل المسابقة التي عادت بعد غياب، شهدت تواجد أوروجواي والبرازيل والسويد وإسبانيا على رأس المجموعات الأربعة، للمنافسة على لقب كأس العالم 1950 بنظام المجموعات، والذي لو اختلفت ترتيب مبارياته ما كنا لنصل إلى مباراة أصبحت بمثابة النهائي المستعر بين منتخبي القارة اللاتينية.

التعادل يهدي البرازيل اللقب، والفوز فقط من يهدي أوروجواي اللقب، البرازيل تدخل بعد انتصاراتين على حساب السويد وإسبانيا، 7-1 و6-1، بالطبع البرازيل ستلتهم أوروجواي وترفع لقب جول ريمية لأول مرة في تاريخها وأمام جماهيرها، بينما أوروجواي تعادلات مع إسبانيا 2-2، وفازت بصعوبة على السويد 3-2.

ملعب ماراكانا الذي استضاف البطولة، جاءت تسميته بهذا الإسم نسبةً إلى نهر بمحاذاة أحد أسوار الملعب، وتم افتتاحه قبل البطولة بأسبوع، فأقميت مباراة بين ساو باولو وريو دي جانيرو كمباراة افتتاحية من أجل التأكد من جاهزية الملعب، المباراة النهائية في 16 يوليو، شهدت شراء أكبر عدد من التذاكر لمباراة واحدة في تاريخ كأس العالم، 157 ألف تذكرة، بالإضافة إلى أكثر من 25 ألفا حضروا المباراة بدعوات أو بالتسلل.

World Cup 1950Getty Images

الجميع متفائل بفوز البرازيل باللقب، على العكس في غرفة ملابس الأوروجواي قبل بداية اللقاء دخل أحد القادة على لاعبي السيلسيتي قائلا لهم: "لا تلقوا للأمر بالا، حاولوا فقط أن لا يسكن مرماكم 6 أهداف، سنكون راضيين بأربعة على الأقل"، لتكون تلك الكلمات بمثابة الحافز.

أوبدوليو باريلا قائد أوروجواي أثناء السير في النفق المؤدي للملعب قال لزملائه: "هولاء الذين في الخارج مجرد قطع من الخشب، سنكون راضيين إذا بتنا أبطالا"، ليدخل لاعبي أوروجواي رفقة لاعبي البرازيل أرض الملعب في التوقيت ذاته من أجل تفادي صافرات الاستجهان.

الشوط الأول انتهى بنتيجة سلبية، وفي الدقيقة الثانية من الشوط الثاني سجل فيراسا هدف التقدم للبرازيل، الدقيقة 66 عدل السيليستي النتيجة عبر سيكافينو، وفي الدقيقة 79 حدث ما هو غير متوقع فسجل غيجيا هدف تقدم أوروجواي، ليعلق سيكافينو عن الأمر: "كانت هذة أول مرة في حياتي أسمع شيئا لا يكون ضوضاء، لقد شعرت حينها بمعنى الصمت".

World Cup 1950Getty Images

جول ريميه والذي كان مخولا له تسليم الكأس للبطل، بعد أن سجلت البرازيل الهدف الأول بدأ في تحضير الخطاب باللغة البرتغالية الذي سيلقيه على مسامع جماهير ماراكانا، وعند خروجه في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء وجد تفوق أوروجواي الذي انتهت عنده المباراة، ليسلم الكأس للمرة الثانية لأوروجواي في تاريخها والأخيرة بدون أن ينطق بكلمة واحدة.

ليطلق حكم اللقاء صافرة النهاية وسط وجوم المشجعين، في مباراة أطلق بعد ذلك عليها "مباراة السكتة القلبية"، فتوفي في أوروجواي 8 أشخاص منهم 5 أثناء اللقاء، وفي ماراكانا تم معالجة 169 شخصا، منهم 6 نقلوا للمستشفي في حالة خطيرة، مهاجم البرازيل دانيلو كان على وشك الانتحار بعدما فشل في تحمل أثار الهزيمة، إضافة إلى 100 مشجع انتحر بالفعل حسب تقارير الشرطة.

World Cup 1950Getty Images

احتمى لاعبي أوروجواي في غرفة خلع الملابس من أجل تفادي بطش الجماهير ليخرجوا في حماية الشرطة، في حين خرج المدير الفني لأوروجواي، فلافيو كوستا بعد يومين من الغرفة متنكرا في زي إمراه ليهرب من الجحيم.

الحارس البرازيلي باربوسا، الذي كان حارس السيلساو، تحول من رمز إلى أكثر شخص مكروه في تاريخ البلاد، حتى بعد ما يقارب 44  عاما، رفض أحد إدرايّي البرازيل ، دخوله معسكر المنتخب استعدادا لكأس العالم 1994، قائلا أنه لا يجلب سوى الفأل السيء، ليعلق على الأمر قبل وفاته: "أكبر عقوبة في البرازيل 30 عاما بالسجت، ومنذ 50 عاما أدفع ثمن جريمة لم ارتكبها".

المنتخب البرازيلي كان يرتدي الزي الأبيض كاملا، ليطلب عام 1953، الاتحاد البرازيلي، تصميم قميص جديد للمنتخب مستوحى من ألوان العلم الجديد، "الدو جارسيا" وهو من فاز تصميمه بعد أكثر من 100 تصميم قام برسمه، لتفوز البرازيل بأول مباراة بالزي الجديد أمام تشيلي على ماراكانا، لكن المثير أن "ألدو" بالأساس من مشجعي أورواجوي حيث احتفل بفوزهم بعدما استمع بالفوز على الراديو.

لتكتسب تلك الجملة قيمة عالية: "كرة القدم يلعبها 11 لاعبا ضد 11 لاعبا، ومن هم بالخارج مجرد قطع من الخشب"، لتكون بمثابة الدفعة والأمل للجميع بتحقيق الفوز حتى لو امتلئ الملعب على أخره بأعداءك، وليظهر بيليه صاحب الـ17 عاما بعدها 8 أعوام لينتقم من العالم كله.

إعلان