محمود ضياء | فيسبوك | تويتر
خرج واين روني من قلعة أولد ترافورد بعد 13 عاماً قضاها في جدران النادي، تُوج فيها بلقب الهداف التاريخي وحصد كل الألقاب الممكنة محلياً وأوروبياً وعالمياً باستثناء السوبر الأوروبي، واليوم يأتي الاحتفال بيوم ميلاده.
لم يكن روني أساسياً في الموسم الأخير له مع الشياطين الحمر، وخرجت الكثير من الأصوات تطالب برحيله، ولكنه قرر الاستمرار لنهاية الموسم، والآن .. لم يعد للحكاية بقية. قبل أن تبدأ في قراءة هذا المقال فأنت أمام رأي شخصي ممتزج بمجموعة من الذكريات يتفق أغلب جيل التسعينات في معظمها.
عاصرت العديد من النجوم طوال ثمانية عشر عاماً إذا تحدثنا عنهم فسيستمر الحديث لأيام وعاصرت من جاء شاباً ليصنعه اليونايتد نجماً ويرحل عن الفريق ولكن "واين روني" سيظل الأسطورة الأبرز التي عشتها منذ البداية كفتى ذهبي حتى أصبح قائداً للفريق.
بداية التواجد مع الفريق
حين انتقلت لصفوف مانشستر يونايتد وأنت لم تبلغ عامك التاسع عشر بعد ولم يكن قد مر على وفاة والدي إلا أربعة أشهر، لم أكن أعلم من هو هذا الفتى الذي جاء ليلعب وسط فان نيستلروي، دييجو فورلان، أولي سوشلكاير، لويس ساها، ولكني عرفته بعد أول مباراة لعبها بالقميص رقم 8 أمام فنربخشه، ثلاثية أحسستها كهدية من الفتى الذهبي لي بعد عيد ميلادي الثالث عشر بيومين وكانت بداية لرحلة طويلة لأسطورة ستظل خالدة في قلوب العديد من مشجعي الفريق.
بدأت مشوارك مع الفريق في الدوري بهدف أمام آرسنال في وقت الصراع بين الفريقين لتدخل قلوب المشجعين بسرعة ولن ينسى أحد احتفالك الجنوني أمام جمهور ليفربول في الأنفيلد وليس غريباً عليك يا صديقي فقد تربيت على كره ليفربول منذ الصغر، عانى الفريق من فقدان البطولات في أول موسمين ولكننا عدنا لنحقق الدوري ورغم توديع دوري أبطال أوروبا أمام الميلان في نصف النهائي فلن أنسى انطلاقتك في الدقيقة الأخيرة لتنهي تمريرة من ريان جيجز في شباك ديدا وينفجر بعدها الأولد ترافورد فرحاً.
كنت دائماً مقاتل في الملعب متحمساً من أجل شعار الفريق، فكنت فعلاً “فتى ذهبي” بكثير من الحماس والقتال ولا مانع من بعض الطيش والانفعال طالما أنه من أجل الشعار.
أنت الثابت وهم المتغيرون
Getty Images
بدأ الفريق الموسم التالي باستقدام كارلوس تيفيز ليُكٍون معك ومع رونالدو ثلاثي ناري ، وبرغم الإصابة التي أبعدتك عن الفريق في أكثر من مرة إلا أن بريق الرقم “10” الجديد أضاف لك قوة جديدة وعدت أكثر عنفواناً من أجل الفريق، كنت الحلقة الأضعف في هذا الثلاثي بابتعادك عن مكانك المفضل في منطقة الجزاء ولكن لا مانع طالما الشيطان الأحمر يفوز سواء أهداف روني أو بتمريرات روني الحاسمة لينهي الفريق الموسم بلقب الدوري واللقب الأغلى دوري أبطال أوروبا.
نُضجك وتفضيل مصلحة الفريق على تعطشك لتسجيل الأهداف جعلني أحس بالنضج في حياتي الشخصية أيضاً ولا غريب في ذلك فقد شاءت الصدف أن أبدأ دراستي الجامعية في نفس العام، سيناريو الموسم التالي لم يختلف في أي شيء أكثر من خسارتنا لنهائي دوري أبطال أوروبا.
رحل بعدها رونالدو وتيفيز عن الفريق وانضم بيرباتوف للفريق، بدأ الحديث عن انتهاء اليونايتد بدون رونالدو وتيفيز وكبر سن أغلب عناصر الفريق، ليأتي وقتك لتتحمل مسؤولية الفريق فبعد خسارة الدوري نجحنا في الفوز بالكأس قبل أن نعود و نحقق الدوري من جديد ونخسر دوري الأبطال من جديد أمام برشلونة ولكن الصدمة جاءت بعد نهاية الدوري.
فترة انتقالية حاسمة
Getty Images
طلبت الرحيل من الفريق بسبب عدم التعاقد مع صفقات قوية، انتفضت وقتها غضباً وأحسست أن كل تلك النجاحات ستنتهي وأن الفتى الذي بدأت أراه قائداً للفريق سيذهب تاركاً كل ذلك خلفه، لكنك عدت لتجدد تعاقدك مع الفريق ليبدأ الفريق الموسم بنتائج جيدة حتى جاءت سداسية السيتي لتهز جدران الفريق وتبدأ الصحافة الإنجليزية في الحديث عن عرض من السيتي لضم روني مقابل 65 مليون جنيه إسترليني، وكعادتك لم يأت ردك إلا في الملعب ومن قلب ملعب الاتحاد بعد بداية ميركاتو الشتاء بثمانية أيام، ثنائية في قلب ملعب الاتحاد وكان الاحتفال واحد، روني ينطلق بجنون في ملعب الاتحاد ليقبل شعار اليونايتد أمام جماهيرهم.
"الفتى الذهبي لم يعد فتى بل أصبح قائداً وملهماً لليونايتد" تعليق تحدث به أحد المعلقين ليروي تطور واين روني في هذا الموسم فبرغم خسارة الفريق للدوري في الثانية الأخيرة إلا أن تطور روني وتحمله لمسؤولية الفريق كان واضحاً فلعبت في أغلب المباريات كمهاجم ثانٍ وأحياناً كلاعب وسط ولكن لا مشكلة طالما الفريق يحقق الانتصارات.
استقدم الفريق روبن فان بيرسي من آرسنال في صفقة مدوية لتستمر في لعب دور المهاجم الثاني ولاعب الوسط وتبتعد من جديد عن عشقك المفضل لمنطقة الجزاء وبدأت تلوح الخلافات من جديد بينك وبين السير بعد الإصرار على تغيير مركزك وارتفعت حدة الأزمات بعد بقاءك على دكة البدلاء أمام ريال مدريد ليودع الفريق البطولة وينتهي الموسم بلقب الدوري ثم اعتزال السير.
اعتزال السير وطلب الانتقال
Getty Images
"المصائب لا تأتي فرادى" خرجت بعدها لتطلب الرحيل من الفريق وتتحدث الصحف عن تقديمك لطلب انتقال، وبالفعل بدأت فترة قيادة ديفيد مويس كلاعب بديل مع عرض قوي من جوزيه مورينيو ولكن كعادتك انتهى كل الأمر بتجديد تعاقدك مع الفريق وتقديم مباراة قوية أمام تشيلسي انتهت سلبية.
قدم الفريق موسم كارثي تماماً ولكنك استعدت جزء من بريقك مع انخفاض مستوى فان بيرسي، ولكن الأمر كان واضحاً..واين روني فقد حاسة التهديف بشكل كبير كما أن الطيش والاندفاع قد هدأ تماماً فروني لم يعد فتى بل أصبح حامل شارة قيادة الفريق الأعظم في إنجلترا، وبنفس الصدفة فبداية تولي روني قيادة الفريق وازدياد الجزء العقلاني في شخصية روني كنت قد نِلتُ شهادة تخرجي الجامعية لأبدأ أنا أيضاً في تحمل المسؤولية.
رحل مويس وأتى فان جال ولا جديد يحدث، مستوى فان بيرسي يتراجع ثم يرحل عن الفريق والأنظار تتجه لواين روني لينقذ الفريق من جديد ولكن لم يعد في مقدرة روني أن يعود لشغفه بمنطقة الجزاء فلم يكن هو من أبعد نفسه عن مكانه المفضل لثلاثة مواسم متتالية وتفرغ روني للعب دور لاعب الوسط بشكل أكبر.
بعد سنتين من الإخفاقات انتهت ببطولة كأس وحيدة تمت إقالة فان جال ليتولي مورينيو قيادة الفريق ويتعاقد بعدها مباشرة مع إبراهيموفيتش وكان السؤال الأبرز له: هل سيرحل واين روني؟ هل سيلعب في مركز الوسط؟
وكان رد مورينيو وقتها واضحاً: روني لن يستطيع اللعب في مركز المهاجم الصريح ولكنه لن يبتعد أيضاً عن منطقة الجزاء كثيراً
بداية النهاية
Getty Images
بدأ روني الموسم في التشكيل الأساسي ولكن ما كان يخشاه الجميع كان واضحاً، واين روني أصبح أبطئ مما مضى وبعد هزيمتين أمام مانشستر سيتي وواتفورد بدأ مورينيو ثورته في الفريق والتي كان منها إرسال واين روني لمقاعد البدلاء لتبدأ بعدها شائعات الصحافة الإنجليزية المعتادة برحيل روني إلى الصين ويزداد الحديث عن رحيل محتمل في الشتاء قبل أن ينهي روني الجدل كالعادة بإعلان استمراره مع الفريق ولينصفه القدر بعدها ويتوج بلقب الهداف التاريخي لليونايتد بلمسة حملت ذكريات قناص محترف تذكر ولو لثوانٍ قليلة شغفه بتسجيل الأهداف.
لم يختلف شغفك باليونايتد كثيراً يا روني وأنت تحتفل مثل أي مشجعٍ للفريق بعد هدف إبراهيموفيتش في نهائي كأس الرابطة لتجلس بعدها على مقاعد البدلاء بدون مشاركة مفسحاً المجال لفيلايني لتأمين الدفاع قبل أن تنطلق فرحاً مع إبراهيموفيتش بعد نهاية المباراة.
يلوم الجميع واين روني على تراجع مستواه في المواسم الأخيرة بقميص مانشستر، ولكن قبل أن توجهوا أنصحكم بنظرة سريعة على ما فعله روني من أجل الفريق.
Getty Images
ما بين فان نيستلروي إلى إبراهيموفيتش مروراً بفورلان وساها وسوشلكاير ورونالدو وتيفيز وبيرباتوف وتشيشاريتو وفان بيرسي، 27 مهاجماً لعبوا بجوار روني وهو الثابت وهم المتغيرون.
ثلاثة عشر عاماً قضاها واين روني في خدمة الفريق، ثلاثة عشر عاماً احترق خلالها من أجل كيان اليونايتد، لعب في غير مركزه وابتعد عن مكانه المفضل في منطقة الجزاء وبعد كل ذلك يتعرض للوم من تراجع مستواه.
في كل شراكة هجومية كان دائماً واين روني هو الطرف المُضحِي من أجل الفريق وبعد خمسة مواسم بعيد عن منطقة الجزاء كان طبيعياً أن يهدأ الوحش الكاسر بداخله ولكن برغم كل ذلك ظل واين روني خادماً مخلصاً لشعار مانشستر يونايتد، استمر في الاحتراق حتى وجد نفسه ناسياً أنه الهداف التاريخي ولكنه لم يعد لديه ما يحرقه من نفسه ليهبه من أجل اليونايتد .
واين روني عاد إلى إيفرتون، بيته القديم، قبل الانتقال للدوري الأمريكي، والآن يتواجد مع نادي ديربي كاونتي وعلى وشك الاعتزال.
.png?auto=webp&format=pjpg&width=640&quality=60)
