082a7b139418dd5f1299798b3c75f8776aed5a0c

فالكاو .. من "مدرب للحراس" إلى "مرعب الحراس"


تابع أحمد عفيفي على | فيسبوك | تويتر

منذ أن وطأت قدماه أراضي القارة العجوز قادمًا من ريفر بليت في 2009، كان راداميل فالكاو آلة تهديفية لا تكل ولا تمل مع بورتو ثم أتلتيكو مدريد ليصبح واحدًا من أكثر المهاجمين فتكًا بالمنافسين وأحد أبرز متخصصي منطقة الجزاء في عالم كرة القدم.

كان ذلك حتى 2013، حين تغلب موناكو بأموال الملياردير الروسي دميتري رايبولوفليف على عمالقة أوروبا ليخطف النمر الكولومبي إلى الدوري الفرنسي، ومعه نجم بورتو آنذاك ولاعب ريال مدريد الحالي خاميس رودريجيز. ما حدث مع "إل تيجري" بعد ذلك كان كارثيًا بكل المقاييس ..

فقد عرقلت إصابته الخطيرة بقطع في الرباط الصليبي الركبة في يناير 2014 مسيرته الكروية، ليحرز 11 هدفًا فقط في موسمه الأول قبل أن يضطر للغياب عن كأس العالم. أعير إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في الموسمين التاليين مع مانشستر يونايتد ثم تشيلسي، لكن مستواه ظل في تراجع مستمر.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

في الأولد ترافورد، قال عنه مدرب الفريق آنذاك لويس فان خال بعد حصته التدريبية الأولى "لقد حصل على كرة واحدة وقد سكنت المرمى. إنه واحد من أفضل المهاجمين في العالم". غير أن الحال وصل به إلى درجة استبعاده عن قائمة الفريق الذي خسر من ساوثامبتون بنتيجة 1-0، في الوقت الذي استدعى فيه المدرب الهولندي لاعبين كتايلر بلاكيت، بادي مكنير وجيمس ويلسون!

أما مع البلوز، فقد كان مصيره في النهاية هو أن يصبح أشبه بمدرب لحراس المرمى! نعم، ذلك ما أكده كريستوف لوليتشون مدرب حراس المرمى الأسبق في البلوز، حيث قال لصحيفة لو جورنال دو ديمونش مشيدًا باحترافية صاحب الـ31 عامًات "كنت ممتنًا لأنه أصر على التدرب بنفس كثافة المباريات حتى وهو يعلم أنه لن يلعب. لقد ساعدنا على تطوير مستوى حراسنا"

082a7b139418dd5f1299798b3c75f8776aed5a0c

خلال عاميه في بلاد الضباب، لم يحرز فالكاو سوى 5 أهداف في 41 مباراة رسمية، وقد اعترف اللاعب مؤخرًا أنه فكر عدة مرات في الاعتزال سواء بعد إصابته في موناكو أو خلال مسيرته المخيبة في إنجلترا، وربما كان الجميع ليقبلون فكرة انتقاله الصيف الماضي إلى الدوري الصيني، الدوري الأمريكي أو الخليج العربي .. لكن لم يكن ذلك ما حدث.

فالأسد الجريح أبى الانصياع مثله مثل رعيته لقوانين الغابة، بل قرر أن يعود ليحكم مملكته داخل منطقة الجزاء مرة أخرى .. تمتع فالكاو الصيف الماضي لأول مرة منذ إصابته بفترة إعداد صيفية كاملة وجنى ثمار عمله الجاد مع مدرب صبور آمن به كليوناردو جارديم ومجموعة من المواهب الشابة التي ساهمت معه في موسم استثنائي لمتصدر جدول ترتيب الدوري الفرنسي "الليج 1".

قال عنه مدربه "إنه الآن يملك قوة أقل لكن خبرة أكبر، تلك هي الحياة. لأنه لاعب من طراز عالمي فأنا أديره بطريقة مختلفة عن الآخرين. لقد قلت سابقًا هذا الموسم أنني كنت واثقًا من نجاحه. الجودة دائمًا موجودة لديه" .. وطالما وُجِدَت الموهبة، فلا خوف على صاحبها.

حيث سجل فالكاو 28 هدفًا في 37 مباراة في كافة المسابقات هذا الموسم، بينها 5 أهداف في 6 مباريات في دوري أبطال أوروبا بما في ذلك هدفيه في ملعب الاتحاد للطيران ضد مانشستر سيتي في ثمن النهائي لينتقم من النادي الذي رفض التعاقد معه قبل إعارته لمانشستر يونايتد.، ويساعد فريقه على الوصول لنصف نهائي البطولة بعد اجتياز عقبة بوروسيا دورتموند.

مردوده على وجه التحديد في الليج 1 يبدو مثيرًا للاهتمام، فبينما يتصدر فريق جارديم جدول الدوري بـ80 نقطة و92 هدفًا، رقم لم يتجوازه في بطولات أوروبا الكبرى سوى برشلونة بفارق هدفين فقط، سجل فالكاو 19 هدفًا في 25 مباراة لعب خلالها في 1604 دقيقة، وهو ما يعني أنه يسجل هدفًا كل 84 دقيقة، رقم يتقاسمه مع هداف الدوري إدينسون كافاني كأفضل معدل تهديفي في البطولة لمن لعبوا أكثر من 600 دقيقة هذا الموسم.

89d9eeac3c3a8bbe381594579dfb9aec658973f2

العديد من الأسباب أدت إلى ذلك التألق للنمر الكولومبي، لكن يمكن القول بأن أبرزها هو أنه في موناكو وجد أنه لم يعد لديه شيء يخسره وأن لديه كل شيء ليربحه، خاصة مع مدرب قال عنه لقناة كانال بلوس مؤخرًا "وجدت فرصة اللعب وأثبتت للجميع أنني ما زلت على أعلى مستوى. ما كنت أفتقده كانت فرصة اللعب. يارديم كان مهمًا بالنسبة لقرار عودتي إلى هنا. لقد تحدثت معه وهو علم أنني كنت جاهزًا بنسبة 100% والآن نستطيع العمل لمستقبل سويًا".

مع موناكو هذا الموسم، وبجانب اللعب بانتظام منذ بداية الموسم بعد المشاركة الكاملة في فترة الإعداد الصيفية، نجد أن أكثر ما يتميز به النمر الكولومبي على أرض الملعب هو قلة تحركاته خارج منطقة الجزاء وعدم المساهمة باستمرار في بدء الهجمات من الخلف، فذلك منح لاعبًا في مثل سنه القدرة على التركيز أكثر على حسن التمركز والتحرك داخل منطقة العمليات والعمل على لمسته الأخيرة أكثر سواء في التدريبات أو المباريات.

يمكن القول أن النادي الذي كان ذات يوم وصيفًا لبطل أوروبا في 2004 قدم لفالكاو أفضل ظروف لاستعادة مستواه، في ظل امتلاك الفريق أجنحة وأظهرة حيوية كبيرناردو سيلفا وتوماس ليمار ومن خلفهما جبريل سيديبي وبنجامين مندي، بجانب سرعة ومهارة المهاجم الثاني كيليان مبابي.

جميعهم لاعبون يوفرون كافة أنواع التمريرات البينية والعرضية، بجانب المساحات والثغرات داخل منطقة الجزاء مع عدم خروجه منها، وهو ما كان يفتقده في موسميه في إنجلترا. ببساطة، وجد فالكاو فريقًا يلعب على نقاط قوته وبالتالي عاد ليصبح محور الهجوم، وليس هو الذي يلعب لأجل نقاط قوى زملائه مثلما كان يحدث مع روبين فان بيرسي وواين روني في اليونايتد أو دييجو كوستا في تشيلسي.

ذلك الأمر تحدث عنه أسطورة دفاع الشياطين الحمر ريو فيرديناند، قائلًا لقناة بي تي سبورتس "لقد كان ناجحًا مع الفرق الأخرى لأنهم كانوا يرسلون له العرضيات. لقد سجل الكثير من الأهداف عبر العرضيات. هذا الفريق يملك ظهيرين هجوميين يرسلان كرات عرضية ويقومان باختراقات ممتازة إلى داخل منطقة الجزاء. ذلك أمر عظيم يتمتع به في موناكو، فهو يملك الكثير من الأقدام من حوله يمكنها الركض كثيرًا".

Radamel Falcao Kamil Glik Lyon Monaco Ligue 1 23042017Gettyimages

أيضًا، ينبغي الأخذ بعين الاعتبار جودة الفرق التي تواجد فيها فالكاو منذ رحيله إلى إسبانيا، فمانشستر يونايتد مع فان خال عانى كثيرًا واحتل المركز الرابع بفارق 17 نقطة عن البطل تشيلسي. وحين انتقل لصفوف الأخير، كان موسم أسود لندن كارثيًا واحتلوا المركز العاشر، لذا من الصعب انتقاد ابن سانتا مارتا بكولومبيا على أدائه في فرق عانت من مواسم مخيبة واعتمدت عليه بشكل ثانوي.

من مدرب للحراس إلى مرعب للحراس .. عاد فالكاو ليصبح من بين أبرز المهاجمين في كرة القدم الأوروبية، وما زال بإمكانه تقديم المزيد فيما تبقى هذا الموسم بدءً من الليلة حين يواجه باريس سان جيرمان في نصف نهائي كأس فرنسا، مرورًا بمواجهة يوفنتوس في نصف نهائي دوري الأبطال مطلع الشهر القادم، وصولًا للعشرين من مايو موعد مباراة الجولة الأخيرة في الدوري الفرنسي الذي يتصدره فريقه .. لا أحد يستحق الفوز بالألقاب أكثر من لاعب قهر أخطر الإصابات ليعود نجمًا كبيرًا من جديد، تمامًا كما فعل الظاهرة البرازيلية رونالدو. لذا، من حق فالكاو أن يحلم بالألقاب.

إعلان