Messi Barcelona Slavia Praga Champions LeagueGetty Images

ما وراء المنطق - فالفيردي ليس السبب.. الشبع طال برشلونة

أصعب سؤال يواجه أي متابع ومحلل لكرة القدم هو ما يبدأ بـ "لماذا" لأنّه يتطلب تحليلًا وتوضيحًا وتفاصيل معتمدة على حقائق ومنطق.

وبسبب قلة المعلومات المتاحة في أغلب الأوقات، فإنّه من الصعب الإجابة بدقة على هذا السؤال، ولذلك يتم اللجوء إلى القوالب المعدة سلفًا، مثال بسيط على ذلك، لماذا فاز فريق ما على آخر رغم تقديمه أداءً جيدًا؟ الإجابة: شخصية البطل، لماذا خسر فريقك رغم أنّه لعب بصورة أفضل؟ الإجابة: التحكيم والحظ.

وهكذا، لابد من وجود قالب تكرر كثيرًا حتى أصبح حقيقة لا جدال فيها، وهو الحل الأسهل لتوفير الوقت والمجهود على التحليل وإيجاد تفسير منطقي. فما الداعي للتفكير إن كانت الفكرة وُلدت قبل حتى أن يسأل السائل؟!

الموضوع يُستكمل بالأسفل

ومن ضمن هذه الأسئلة المعروف إجابتها سلفًا، لماذا يتراجع مستوى فريق ما بعد أن يحقق العديد من البطولات؟ والإجابة هي شعور كل لاعب بالتشبع وعدم رغبته في جلب المزيد.

ورغم أنّ أحيانًا تكون هذه الإجابة صحيحة، لكنها غير كاملة، وحينما تكون عن الموسم الحالي لفريق برشلونة فهي غير منطقية ولا تمس الواقع بصلة.

ما وراء المنطق |الجمهور يُحفل ولا يحتفل

شبعنا دون أن نأكل

Barcelona 2015 Champions League winnersGetty

المقصود بالتشبع أو ما أحب أن أسميه "متلازمة ما بعد الجيل الذهبي" أنّه حينما ينجح لاعبٌ أو فريقٌ في حصد كل البطولات، يفقد الحافز لجلب المزيد ويصبح أي إنجاز جديد هو في حقيقة الأمر قديم.

ومن تعريف الكلمة يتبين أنها لا تنطبق أبدًا على برشلونة، فالجيل الذهبي انتهى ولم يتبقى منه سوى 3 لاعبين فقط؛ سيرجيو بوسكيتس وجيرارد بيكيه وليونيل ميسي، أما الباقي فلديه الكثير والكثير ليثبته ويحققه.

صحيح هناك من حصد دوري أبطال أوروبا من قبل مثل لويس سواريز وجوردي ألبا وإيفان راكيتيش، ولكن هؤلاء لم يحققوه سوى مرة واحدة فقط، على عكس ثلاثي الجيل الذهبي، فميسي وبيكيه حققوها 4 مرات وبوسكي ثلاثة.

قد أتفهم حالة التشبع لو كانت في الدوري الإسباني، فأغلب اللاعبين حققوا ما بين 4 إلى 10 ليجا في السنوات الماضية، ولكن في المنافسة على دوري الأبطال، لن يكون التفسير منطقيًا.

وما يجعل هذه الفكرة بعيدة عن المنطق أيضًا، أنّ البلوجرانا لعب بصلابة وقوة في نسخة الأبطال الموسم الماضي، فالفوز على ليفربول في "كامب نو" وتوتنهام في "ويمبلي" ومباراتي إنتر وغيرها من اللقاءات أظهر لاعب بروح مقاتل يبذل كل ما لديه لأجل الفريق.

وحتى هزيمة "أنفيلد" ظهر فيها برشلونة بشكل جيد وأفضل بمراحل مما كان عليه ليلة الخروج من روما، ولولا تفاصيل صغيرة لربما لما تحققت الريمونتادا.

ما وراء المنطق | الهجوم يجلب الانتصارات والدفاع يحقق الألقاب

فتش عن السبب

Lionel Messi Atletico Barcelona Supercup 2020

في رأيي أنّ هناك سببان رئيسيان لما مرّ به برشلونة خلال الموسم الجاري حتى إقالة إرنستو فالفيردي، والذي جعل الفريق يلعب دون روح، وتشعر وكأن الـ 90 دقيقة هي حمل وعبء على كل لاعب يود التخلص منه بأسرع وقت ممكن.

السبب الأول يرجع إلى العامل البدني وأعمار اللاعبين، فحينما نتحدث عن التشكيل الأساسي نجد أنّ هناك 7 لاعبين كسروا حاجز الثلاثين، فهناك بيكيه وألبا وراكيتيش وفيدال وبوسكيتس وميسي وسواريز وهؤلاء لم يعودوا قادرين على تقديم 60 مباراة في الموسم بأفضل مستوى كما كان الحل منذ عدة سنوات.

حل هذه المشكلة تكمن في منح الشباب الفرصة، وتفهم فكرة أنّ المستقبل لدي يونج وأرتور وفاتي وريكي بويج وكارليوس بيريز وعثمان ديمبيلي – لو أنهى مشاكله مع الإصابة -وغيرهم، ومن هنا يحتاج برشلونة لوضع مشروع يعتمد على اللاعبين صغار السن.

ربما وجود عناصر تشارك بالفعل بعمر صغير مثل أومتيتي ولونجليه ودي يونج وأرتور، والمعارين توديبو وآلينيا، ويحصلون على فرص حقيقية للعب يمنح الأمل بأن يتم سحب البساط تدريجيًا من بعض العناصر.

ولكن ما يُقلق وسيظل يُقلق حتى 2021 هو أن إدارة جوسيب ماريا بارتوميو لا تملك مشروعًا واضحًا ودخلت في تجارب مكلفة وفاشلة أرهقت الفريق كثيرًا في السنوات الماضي.

عدم وجود بديل شاب لسواريز ربما هو الأمر المقلق، ولكن الإدارة تفكر جديًا في هذا الأمر في الصيف، وربما يكون لوتارو مارتينيز، مهاجم إنتر، حامل مشعل التغيير في الخط الهجومي للمستقبل.

العامل النفسي

Lionel Messi Jordan Henderson Liverpool Barcelona UCL 07052019Getty

السبب الثاني والذي قد يتغير بمجرد إقالة فالفيردي ولا يحتاج لهذا التخطيط هو الإحساس النفسي.

برشلونة خسر من روما بريمونتادا في "أوليمبيكو" وسببها كان بوضوح التراجع البدني للاعبي برشلونة الذين لم يكونوا قادرين على مجاراة الخصم، بجانب سوء إدارة من فالفيردي وخوف زائد من المنافس.

ولكن حينما جاء الدور على ريمونتادا ليفربول، بدا واضحًا القلق مما حدث أمام روما، ولذلك حينما استقبل برشلونة الهدف الثاني انهار تمامًا ولم يبدأ في تفهم الوضع سوى حينما تحولت النتيجة إلى 4-0 وكان الوقت قد فات.

التأثير النفسي وعدم ثقة البعض في قدرتهم على قلب الطاولة ظهر أمام فالنسيا في نهائي الكأس، لتتحول بعدها عقدة اللعب خارج الأرض إلى الدوري الإسباني أيضًا وليس في الأبطال.

تحليل | موسم يظهر في لقاء.. برشلونة فقد روحه في أنفيلد

شاهدنا برشلونة يسقط أمام ليفانتي في عدة دقائق، يتقدم على أوساسونا وإسبانيول وريال سوسيداد ثم يتعادل ويخسر النقاط، وحتى ثقته الكبيرة في إمكانياته بالكلاسيكو في العادة لم تظهر في مواجهة ريال مدريد الأخيرة التي انتهت بالتعادل السلبي.

برشلونة بدا مكسورًا وفاقدًا لروحه، وتجلى ذلك أمام أتلتيكو مدريد في السوبر الإسباني حينما لعب 80 دقيقة رائعة وفي 10 دقائق استقبل هدفين وودع المنافسة.

تأثير الهزائم في الأبطال انعكس على الدوري، وفالفيردي كان عاجزًا ولم يجد الحلول لا على الصعيد النفسي ولا الذهني، وبالتالي إقالته أصبحت واجبة، وربما ينجح كيكي سيتين في استعادة هذه الروح، ومعالجة اللاعبين نفسيًا.

برشلونة لا يعاني من التشبع، ولا يمكن للاعب مثل ميسي استمر أكثر من 15 عامًا على القمة أن يأتي يوم ويقول لا أرغب في المزيد، ولكن الجسد لا يرحم، والروح مكسورة!

إعلان