Barcelona 1992 [SQUARE]

عاشت كتالونيا الحرة - جوارديولا مناضل يجاهد للاستقلال


بقلم    مصعب صلاح      تابعوه على تويتر

في خلال مسيرته التدريبية والتي انطلقت في 2008 ومرت بمراحل برشلونة ثم بايرن ميونخ وأخيرًا مانشستر سيتي، لم يعرف شيء عن بيب جوارديولا بقدر إيمانه بأفكاره ومبادئه دون النظر لأي معايير أخرى.

طبّق أفكاره الكروية مع برشلونة ونجحت بامتياز، ثم كررها في بايرن ميونخ رغم رفض الجمهور، والآن يقدم كرة ممتعة وتفوق كبير مع مانشستر سيتي.

ولكن بيب لا يتمسك فقط بأفكاره التدريبية، فالمدرب الأسبق للبلوجرانا لا ينسى شعبه ولا قضيته الهامة، ولذلك لم يعدل عن رأيه في منح الشعب الكتالوني حق تقرير مصيره والإلتزام بهذا الحق، ولذلك لم ينزع العلامة الصفراء التي يرتديها في جميع مباريات السيتزنز دعمًا للكتلان ومطالبًأ بالحرية للمعتقلين في سجون المملكة.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

بيب لم يتوقف عن إعلان موقفه من استقلال كتالونيا في كل فرصة تتاح له، إما بالكلمة خارج الملعب، أو بإشارة صغيرة داخل الملعب.

القصة الكاملة | استفتاء كتالونيا.. ماذا حدث؟ وما علاقة فريق برشلونة بالأمر؟

General Franco [SQUARE]Getty

أزمة كتالونيا ليست وليدة اليوم، فالبداية الحقيقية لها كانت في 11 يوليو 1961 حينما قرر الجنرال فرانشسكو فرانكو، رئيس الحكومة الإسبانية وقتها، إلغاء اللغة الكتالونية وتدمير ثقافة الإقليم بإغلاق المركز الثقافي في 1963، وهو الأمر الذي لم يقبله المجتمع.

المظاهرات لم تتوقف، المطالب لن تنتهي، الجميع وقف ضد ديكتاتورية فرانكو ودعمًا للديمقراطية، ورغم استخدام كل الطرق لقمع المظاهرات ومن بينها الأساليب العنيفة، لكن الشعب الكتالوني استرد حقه في 1967.

ولكن ما موقف بيب من هذا كله، خلال هذه الفترة نشأت مجموعة تسمى "أومنيوم" والتي تعني "الجميع" باللغة اللاتينة، وهدفها الرئيسي هو المطالبة بالحفاظ على ثقافة كتالونيا، وكانت عائلة جوارديولا جزءًا من هذه المجموعة لـ 10 سنوات كاملة.

ولم يتوانى بيب في إعلان موقفه، وكانت أول لقطاته الشهيرة في 1992، حينما كان بعمر 21 عامًا فقط، وقرر الوقوف على المنصة  في قصر الحكومة في برشلونة احتفالًا بأول بطولة دوري أبطال أوروبا للبلوجرانا وهو يضع حول رقبته علم كتالونيا، ليوجه رسالة للحضور قائلًا: "شعب كتالونيا، لقد أحضرنا لكم الكأس هنا".

حكاية من الكلاسيكو - فرانكو يضطهد ريال مدريد ويعلن الحرب على برشلونة

Barcelona 1992 [SQUARE]

كما أنّ بيب أعلن أنّه كان يتمنى أن يلعب لصالح المنتخب الكتالوني، لكنه لم يكن لديه خيار ولذلك لعب لإسبانيا، وبعد اعتزاله، صارت قضية الاستقلال شغله الشاغل.

11 سبتمبر، يوم كتالونيا القومي، والذي يأتي في ذكرى دخول قوات المللك فيليب السادس إلى الإقليم لترفع علم إسبانيا عليه عام 1714، وفي 2012 كان بيب موجودًا في نيويورك ولكنّه ظهر معهم في مقطع للفيديو مباشر ليعلن "كتالونيا دائمًا موحدة".

في 2015، دعى بيب إلى منح الشعب الكتالوني حق تقرير المصير، وطلب من المسئولين في إسبانيا فتح باب التصويت، وكان من بين مجموعة "معًا لأجل الاستقلال".

وظهر بيب في 12 يونيو 2017 وسط حشود من آلاف الكتلان وفي أجواء حارة للغاية ليعلن وسط الجموع تأييده ومطالبه بالذهاب لصناديق الاقتراع للمطالبة بالاستقلال واستعادة الحق المسلوب.

جوارديولا | لو كنت مدربًا لبرشلونة لما لعبت مباراة لاس بالماسCatalan flag

في هذ اليوم، ألقى بيب خطبة مدوية، وقال فيها: "لا يوجد لدينا خيار آخر سوى التصويت، لأنّ الشعب الكتالوني صار ضحية الدولة، وتحت اضطهاد سياسي يتنافى مع مباديء الديمقراطية الأوروبية في القرن الـ 21".

وتابع: "سوف نذهب للتصويت". قالها وكأنه المدرب الذي يحاول أن يلهم اللاعبين بأنّهم الأفضل في العالم، كما فعل مع برشلونة وبايرن والآن مانشستر سيتي.

وحينما تواجد بيب على الخطوط أمام تشيلسي يوم 30 سبتمبر الماضي، كان عقله في الملعب وقلبه في كتالونيا، يراقب كيفين دي بروين وهو يسجل هدف الفوز في المباراة، ويستعد بكامل حواسه لمعركته الرئيسية في اليوم التالي.

جاء الأول من أكتوبر بزحام في كتالونيا، الجميع ذهب إلى التصويت لإقرار حق المصير وإعلان رفضهم لأن يكونوا جزءًا من أي شيء آخر سوى أنفسهم، 90% قالوا نعم، وبالطبع كان بيب على رأسهم.

بيكيه باكيًا: مباراة اليوم هي الأسوأ ولا اتفهم قرار اللعب دون جمهور

Catalan independence protests

لم يمر اليوم بصورة ديمقراطية بنسبة 100%، بل تعرض عدد كبير من المواطنين للسحل والضرب أمام صناديق الاقتراع من قبل الشرطة الإسبانية.

الجمهور مُنع من حضور مباراة لاس بالماس في الدوري الإسباني، وصارت الأمور أكثر تعقيدًا في وطن جوارديولا.

لم يصمت بيب بالطبع، وخرج ليقول "لو كنت مدربًا لبرشلونة في الوقت الحالي لما وافقت أبدًا على خوض المباراة".

وتابع: "نحن نتحدث عن قوات أمن تهاجم المصوتين وتضربهم لمجرد أنّهم ذهبوا للتصويت، ويقولنا أننا هجمناهم، بماذا؟ بالأوراق؟".

وواصل: "هؤلاء وحوش ولا يجب التغاضي عما حدث للمصوتين اليوم، فنحن لا نهتم سوى بالديمقراطية وحق الشعب في إقرار مصيره".

واختتم: "الناس الذين ذهبوا للتصويت لم يذهبوا مع بنادق أو كرات مطاطية، الصور تتحدث عن نفسها".

Pep yellow ribbon [SQUARE]Getty

بيب ليس ثائرًا فقط على تقاليد كرة القدم، لم يكن مجرد مدرب مبدع لديه أفكار براقة ثبت نجاحها على الأقل في تقديم كرة جميلة ممتعة لها بريق خاص، ولكنّه أيضًا يثور لمبادئه وقيمه وأفكاره.

وحتى حينما تولى مانشستر سيتي، كان البعض يرى بأنّها مخاطرة غير مضمونة النتائج، وخاصة أنّ السيتزنز فريقًا لا يمتلك تاريخًا أو جمهورًا أو فكرًا كرويًا، كما أنّ الدوري الإنجليزي يختلف عن نظيره الإسباني أو الألماني.

ولكن جوارديولا لا يتوقف عند هذه المطالب، فبيب لا يعرف الاستسلام وقرر قبول التحدي وهو يرفع راية الثورة على التقاليد الإنجليزية العتيقة حتى بعد فشله في جلب أي بطولة خلال موسمه الأول.

عاش جوارديولا مؤمنًا بأفكاره، وكما لم يتوقف عند إنجاز واحد في كرة القدم، فلن يوجد شيء يمنعه من الصراخ بصوت مرتفع "عاشت كتالونيا الحرة".

إعلان