بين صلاح وماني.. من قص شريط نهاية ثلاثي ليفربول التاريخي؟

"نيمار ولويس سواريز وميسي مذهلون، نحن (برشلونة) لا نحتاج إلى الكثير من الاستعدادات، هؤلاء الثلاثة قادرون على شن الهجمات بمفردهم، لدينا أفضل هجوم في العالم، وأعتقد أنه أفضل خط هجوم في التاريخ".

إذا كنت من مشجعي برشلونة فاسترجع معنا الذكريات وحاول أن تغالب دموعك، لأن تلك الكلمات تعود إلى مدرب البلوجرانا الحالي وخط وسطه الأسطوري تشافي هيرنانديز.

وإذا كنت من مناصري ليفربول، فعليك الحذر من حالة الدراما التي يعيشها صديقك الكتالوني، لأن أيام ثلاثي الريدز التاريخي باتت معدودة.

الآن تأكدت الأخبار حول رحيل ساديو ماني إلى بايرن ميونخ بشكل رسمي، مع ترحيب يورجن كلوب بهذا الحدث، فيما يختفي روبيرتو فيرمينو خلف الكواليس، وصلاح بين التجديد والمغادرة هو الآخر.

كل شيء يشير إلى نهاية الرحلة، وهو ما يستدعي كل اللقطات العاطفية المؤثرة إلى مخيلتك الآن، بالطبع لن أقول لك إنها مبالغة إذا شعرت بأن الأيام الجميلة تمضي سريعًا، لكننا نود التوقف لبرهة ونتحدث قليلًا حول تلك المقاربة التي بدأنا بها الحديث.

كيف وضعت ثلاثية صلاح وماني وفيرمينو في نفس الجملة مع ميسي وسواريز ونيمار؟

الأفضل في التاريخ!

بالطبع يمكنك أن تختلف مع تشافي حول رأيه في خط هجوم برشلونة الذي اعتبره الأفضل في تاريخ كرة القدم.

لكن جودة هذا الثلاثي وتألقه لا يمكننا الجدال فيها، فبالطبع لن نهدر وقتنا للحديث عن جودة منظومة كان يتواجد فيها ميسي من الأساس، ربما إن فعلنا ذلك ما استحققنا أن نتحدث في الرياضة بشكل عام.

لكننا بصدد معرفة حقيقة برشلونة بعد هذا الثلاثي، وكيف تغير النادي الكتالوني من وحش أوروبا المخيف، إلى حالة التقهقر الحالية.

رحيل نيمار أنهى تلك الثلاثية سريعًا، اختفت القطعة الثمينة التي كانت مسؤولة عن الجناح الأيسر، والتي امتلكت تفاهم خرافي مع البرغوث الأرجنتيني، مما جعله الصديق المقرب الثاني بجانب الأوروجوياني.

Getty

تماسك برشلونة لسنين مع ثنائية ليونيل ولويس الذي حاول المدرب فالفيردي أن يهيأ المنظومة بأكملها لخدمتها.

لكن الوقت قد استطاع أن يقتل تلك الحالة مع الإخفاقات المتتالية، فتكتيكيًا افتقد برشلونة للجناح الذي يمسك الخط ويوسع الملعب، ناهيك عن فرديات نيمار المذهلة التي رحلت معه.

وأصبح كل شيء على عاتق ميسي الذي بات مسؤولًا عن بداية الهجمة من خط الدفاع حتى الوصول إلى الهجوم، وإتمام لقطة النهاية بنفسه.

الوقت قتل كل شيء في برشلونة، سواريز تحول إلى هذا البدين ثقيل الحركة الذي لا بد من مغادرته، وميسي رحل بعد قصة الأموال والوعود الزائفة.

الشاهد من هذه الرحلة أن نيمار قد قص شريط النهاية مبكرًا، وحرمنا من لحظات تاريخية كان سيعيشها هذا الفريق معه.

لا تمسك المقص يا ماني!

لماذا لا يرحل ماني؟ سؤال منطقي من وجهة نظري، لأنه إذا نظرنا للمعاملة التي شهدها السنغالي من قبل إدارة ليفربول سنعذره.

منذ أيام خرج الفيلم الوثائقي لمتوسط ميدان مانشستر يونايتد بول بوجبا، وهو الذي يتحدث فيه عن معاناته الدرامية مع غدر الشياطين الحمر.

Amazon Prime Video

متوسط الميدان الفرنسي استنكر في هذا الفيلم عرض إدارة الفريق الأحمر له راتب 350 ألف جنيه استرليني في الأسبوع، موضحًا أنه "لا شيء"، وهو ما قاله لوكيله مينو رايولا.

بالطبع شعرت الآن بحالة من الاستغراب وراودتك أفكارك لإخراج بعض الكلمات التي ربما ستصحبها اللعنات والألفاظ السيئة، لكننا لن نطيل الحديث عن الفرنسي.

نود فقط أن نشير إلى أن ساديو ماني الذي يعد من أفضل الأسماء في مركز الجناح بالعالم كان يتقاضى مع الريدز قبل رحيله مبلغ 100 ألف جنيه في الأسبوع.

ونرغب أيضًا في توضيح حقيقة أنه على الرغم من كل ما يحققه السنغالي، فإن كلوب صرح في أكثر من مرة أن محمد صلاح هو أفضل لاعب في العالم وتجاهله.

Getty Images

فلماذا قد يبقى في ليفربول، وهو لديه الفرصة للذهاب إلى بايرن ميونخ ليكون الرجل الأول والنجم الأوحد، ليس فقط في الفريق ولكن في ألمانيا كلها، ويستطيع بذلك زيادة حظوظه في المنافسة على الكرة الذهبية.

روبرت ليفاندوفسكي يود المغادرة البارحة قبل اليوم، وسيرج جنابري قد لحقه في قائمة الغاضبين، وهو ما مهد الطريق للسنغالي.

الحقيقة أن مشجع ليفربول يريد أن يبقي على ماني حتى ولو لنهاية عقده، لكن من وجهة نظر ساديو فإن ألمانيا ستعطي له ما استحقه وحرم منه منذ سنوات.

بالطبع حالة السنغالي مختلفة عن نيمار، لكنه في كل الأحوال قد قرر أن يقص الشريط هو الآخر وينهي الرحلة.

القاضية ممكن

قد يكون ساديو هو أول المغادرين من ثلاثية ليفربول التاريخية، لكن قراره حتى وإن كان صادمًا، لن يكون مثل ضربة "محمد علي" التي باتت ممكنة في الطريق من قبل المصري محمد صلاح.

ماني وإن رحل فسيقول عشاق الريدز أنه أعطى الفريق الكثير ورحيله الآن في مصلحة النادي حتى نستفيد من لويس دياز، والصفقة الجديدة داروين نونيز.

وفيرمينو قد أعلن غيابه عن المشهد بشكل تدريجي وبصورة غير رسمية من بداية الموسم الماضي.

Getty Images

لكن صلاح؟ فتى كلوب المدلل؟ لا وألف لا، لن يتقبل عشاق الريدز تلك الفكرة أبدًا مهما كانت أسباب الجناح المصري التي سيعطيها للجمهور.

محمد استطاع أن يبني تلك الحالة من الثقة بينه وبين الجماهير، وانخرط في المجتمع الإنجليزي وأصبح لدى عشاق ليفربول هو الأسطورة الأولى للجيل الحالي.

مكانة وضع صلاح نفسه فيها باختياره، بعد تفوقه في أرض الملعب بالطبع، واستغلال كل الطرق الممكنة لتسويق نفسه كصورة نموذجية للرجل العربي الذي دخل في المجتمع الغربي وأصبح يمتلك كل الجوانب التي تساعده على التأقلم هنا أو هناك.

نعم قد قُص شريط نهاية الرحلة، وجاءت البداية من ماني، لكن كل شيء قد يغفر له أو لفيرمينو، أما صلاح؟ فعليه الاتفاق مع الإدارة والجلوس، لأن رحيله لن يمر مرور الكرام أبدًا.

هل ارتكب ليفربول خطأ برشلونة؟

THE GUARDIAN

قبل إجابة السؤال علينا أن نتذكر سويًا أن خروج نيمار من فريق برشلونة لم يكن بسبب رغبة النادي بالتخلص من اللاعب، بل لضيق رؤيته الخاصة وركضه خلف فكرة "النجم الأول".

الخطأ الوحيد الذي ارتكبه البلوجرانا كان عند التعاقد مع البرازيلي عندما وضع الشرط الجزائي بقيمة 222 مليون يورو فقط، وهو ما سهل على باريس دفع المبلغ وخطف الجناح الواعد من إسبانيا.

الحقيقة أن برشلونة لم يرتكب أي أخطاء أدت إلى فقدان الثلاثي الأسطوري، وكذلك ليفربول، فهي قرارات خاصة لأصحابها.

حتى وإن وضعنا قصة التعنت في التفاوض مع محمد صلاح على الطاولة، فسنجد أن حجة إدارة الريدز في عدم إتمام الصفقة حتى الآن منطقية.

فهناك سقف معين للرواتب لا تريد الإدارة أن تتخطاه، وهو أمر منطقي من حيث النظر إليه من جوانب مادية بعيدة عن الفوائد الكبيرة داخل المستطيل الأخضر.

نحن أمام حقبة رائعة تنتهي في ليفربول سبقها برشلونة وريال مدريد من قبل، والحقيقة أن الضرر البالغ من الخسارة دومًا ما يكون كبير، لكن مؤسسة الريدز الحالية عودتنا على النجاح في أي ظروف ممكنة.