Ahmed Hegazy, Egypt and Artiside Bance, Burkina FasoGetty

كلام تكتيكي | حجازي "يغش" من الهارب لأتلتيكو مدريد!


بقلم | محمود ماهر | فيسبوك | تويتر

أكيد سمعتم عن انضمام اللاعب المصري صاحب الطول الفارع والإصابات الكثيرة والحركة البطيئة والمخزون اللياقي الضعيف “أحمد حجازي” لصفوف وست بروميتش البيون هذا الأسبوع.

وأكيد قرأتم عن نقد بعض عشاق الأهلي للاعب، حيث يستعد فريقه لمباراة غاية في الصعوبة بدوري أبطال أفريقيا أمام الترجي التونسي بالدور ربع النهائي منتصف شهر سبتمبر المقبل.

ولم يكن عشاق الأهلي فقط الذين انتقدوا الخطوة، كذلك عشاق المنتخب المصري المُتوجسين من تأثر اللاعب بقوة وشراسة الدوري الإنجليزي والتعرض لإصابة جديدة تعصف بمستقبله وبحظوظه في المشاركة مع الفراعنة أمام أوغندا بالجولتين الثالثة والرابعة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018 نهاية أغسطس وبداية سبتمبر القادمين.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

معظم التحليلات التي قرأتها من المختصين بالشأن المصري قللت من تلك الخطوة، فبحسب قولهم: شتان الفارق ما بين سمعة وست بروميتش والفريق السابق لحجازي، لكن دعوني أسألكم وأسألهم نفس السؤال: هل كان انضمام حجازي لفيورنتينا صائبًا عند سن الـ 20؟

أتصور أن حجازي كان سيفشل في كل الحالات رفقة فيورنتينا، سواء كأساسي أو كبديل، وحتى لو واصل دون إصابة بقطع في الرباط الصليبي، لعدة أسباب متعلقة بالخبرة والوعي الخططي والأهم “استراتيجية فيورنتينا نفسها”، التي لم تكن مُلائمة للاعب عديم الخبرة جاء من الإسماعيلي الذي لا يُنافس على أي شيء في مصر، والأنكى لديه مشاكل عديدة على مستوى السرعة واللياقة البدنية كما ذكرت في مقدمتي عنه.

حجازي أجاد الاختيار هذه المرة بالانضمام إلى وست بروميتش، فهو الفريق الملائم لسرعته وعقليته، ولن يُجهده مثلما كان يُجهده أسلوب لعب الأهلي، ففريق السمان الجارح مختلف كليًا عن فيورنتينا من حيث العادات والتقاليد والاستراتيجية ونمط اللعب وبالطبع مختلف تمامًا عن الأهلي وفي كل شيء، يكفي التطرق فقط للفوارق الجماهيرية والإعلامية بين الجانبين.

فيورنتينا على مدار فترة التسعينيات مع صانع الألعاب البرتغالي ريو كوشتا والهداف الأرجنتيني القدير جابرييل باتيستوتا، وهو من الأندية المعروفة بالكرة الهجومية، وأي مدافع ثقيل الحركة ينضم لصفوفه كان يُكشف على حقيقته، وأي مدافع ذو نزعة هجومية كذلك كان يتعرض لكوارث ميدانية.

بعد عودة النادي البنفسجي إلى السيري آ وهو يتبع نفس النهج التكتيكي، الهجوم ثم الهجوم مع كل المدربين، وكان هذا يتطلب وجود مدافعين أصحاب سرعة خاصة وقدرة عالية على الأنقضاض وتلك المميزات كما أتفقنا لم تكن متوفرة في حجازي آنذاك وحتى هذه اللحظة ليست متوفرة فيه.

ثنائي دفاع فيورنتينا خلال فترة وجود حجازي كانا “سافيتش وجونزالو رودريجيز” (2012-2015)، وكلاهما بنفس إمكانية وخصال حجازي، لهذا كانا يتعرضا للاختراق الدائم، فكانت شباك الفريق في المقابل “صيد سهل” لأي هجوم بسبب حالة النزعة الهجومية العامة التي تُسيطر على جميع أفراده خاصةً “فارجاس وكوادرادو” على الطرفين.

العذاب الذي عاشه “سافيتش” من كثرة  تعرضه للاختراق بسبب أسلوب لعب فيورنتينا دفعه نحو المغادرة إلى أتلتيكو مدريد، لمداراة عيوبه وثقله خلف خطة اللعب الدفاعية التي يتبعها المدرب الأرجنتيني “دييجو سيميوني”، أحد رواد مدرسة الويلزي توني بيوليس.

حجازي أراد السير على نهج سافيتش مع فريق ينكمش في الخطوط الخلفية، ويُقدم كل لاعب من لاعبي الوسط والهجوم فيه، يد العون للمدافعين للتصدي لهجمات الخصوم، بالتالي سيشعر بشيء من الراحة، وسيحظى بفرصة لإلتقاط أنفاسه على مدار الـ 90 دقيقة، والأهم فرصة لتجنب الإصابات والتأقلم على الحياة في إنجلترا.

Oblak Savic Atletico MadridGetty

المدير الفني لوست بروميتش “توني بيوليس” يعتمد على خطة 4-5-1 وهي نفس الخطة التي ساهمت بصورة ملموسة في استعادة حجازي لمستواه الحقيقي رفقة المنتخب المصري عامي 2016 و2017 تحت يد المدرب الأرجنتيني “هيكتور كوبر”، الرائد الأعظم لمدرسة سيميوني وبيوليس!.

أسلوب مصر صار يشبه وست بروميتش لحد كبير، الأفكار الدفاعية واحدة، الهجمة المرتدة نفسها، التعاون بين كل الخطوط واحد، ومن هنا لن يشعر حجازي بالغربة عندما يذهب إلى ملعب هاوثرنس، وعند عودته إلى مصر لن يكون مطالبًا بالانصات لكوبر في المحاضرات فما يفعله في وست بروميتش هو نفسه الذي سيكون مطالبًا به في مصر والعكس صحيح.

نقطة أخرى يستحق حجازي الإشادة عليها، اختياره لأفراد متواضعين، عكس صلاح الذي ربما إذا اهتز مستواه خلال الموسم سيجد نفسه بديلاً لأوريجي أو ماني أو كوتينيو أو لالانا.

اختيار حجازي كان مميزًا ومثاليًا في هذه المرحلة الحساسة من مسيرته الكروية التي كانت قد مرت بمنعطف خطير رفقة فيورنتينا بسبب الرباط الصليبي. في بداية حديثي، تعمدت ذكر عيوب حجازي، وهذه عادة لا أتوقف عنها في كل مقال أكتبه عن أبناء وطني.

Hector Cuper MallorcaGetty Images

بالطبع لم أقصد التقليل أبدًا من حجازي أو تحذير توني بيوليس منه أو لأُطمئن لاعبين أمثال مكاولي وجوني إيفانز وموريسون بأن حياتهم في مأمن، بل على العكس، وجود حجازي سيخلق تنافسًا شديدًا على المركز الآخر المتبقي في خط دفاع وليس على مركزه هو!.

إذا أردنا التحدث عن مميزات، بالتأكيد سنجد الكثير منها عند حجازي، ولهذا لا أجد أي حرج عند وصفي له بنيستا الكرة المصرية، فهو مذهل حقًا في الصراعات الهوائية وذكي ومتعقل في موقف الواحد ضد واحد أمام أمهر اللاعبين، وممتاز في التغطية العكسية وقراءة التمريرات البينية.

كانت خطوة موافقته على وست بروميتش إشارة واضحة منه لمدى تطوره الفكري والفني، فاللاعب المتطور هو مَن يُجيد اختيار الفريق الذي سيلعب له، بالضبط مثل المطرب الواعي الذي يختار أغانيه بعناية ودقة، ومثل الكاتب الذي يختار توقيت مقاله.


إعلان