CARLOS KAISERFourFourTwo

كارلوس رابوسو | عندما تحولك الإصابات والنصب إلى لاعب كرة قدم

هل سمعت من قبل عن لاعب حمل قمصان عشرة أندية مختلفة فيما يقارب ستة وعشرين عامًا ولم يلعب مباراة واحدة؟ أمر لا يصدق، صحيح؟ إذا، أنت لم تعرف كارلوس "كايزر" رابوسو، أو من يطلقون عليه أفضل لاعب كرة لم يلعب كرة القدم.

عٌرفت البرازيل على مر التاريخ بأنها الدولة التي أنجبت اللاعبين الأفضل في العالم، بيليه، زيكو، رونالدو، وغيرهم، كما اشتهرت بالمواهب الضائعة أمثال أدريانو الذي لم يقاوم المغريات وضاع معها مشواره الكروي، ولكنها كانت أيضًا موطن لأكبر محتال في تاريخ كرة القدم.

ولد كارلوس في ريو باولو بالبرازيل عام 1963، وفي العاشرة من عمره التحق بأكاديمية بوتافوجو، ومنها إلى فلامنجو، هناك أطلق عليه لقب "كايزر" بسبب تشابه في الشكل مع القيصر فرانك بيكنباور، نجم ألمانيا، وهناك أيضًا لفت أنظار كشافي فريق بويبلا المكسيكي وقرروا ضمه، وهنا تنتهي رحلة كارلوس مع "لعب" كرة القدم.

يقول كارلوس في افتتاحية فيلم وثائقي تم إنتاجه مؤخرًا عنه: "الأندية أفسدت حياة عديدين من قبل، وكان يجب أن يكون هناك من يرد لهم الدين، أنا هذا الشخص".

ويضيف البرازيلي: "كل الأندية التي لعبت لها احتفلت بسببي في مناسبتين، عند توقيعي للعقد، وعند فسخي لنفس هذا العقد ورحيلي"، والجملة الأخيرة تلخص رحلة المحتال الأشهر في كرة القدم مع اللعبة، فالرجل نجح في خداع كل الأندية التي وقع معها، ولم يلعب ولو دقيقة واحدة، ورغم ذلك استمر في الحصول على العروض، فكيف نجح في ذلك؟

عندما انتقل كارلوس إلى المكسيك، انكشف أمره سريعًا، ولكن غياب التكنولوجيا والاتصالات في ذلك العصر جعل الأمر لا يصل للبرازيل، فعاد الأخير لبلاده وزعم أنه كارلوس إنريكي، لاعب أرجنتيني شارك في تتويج "إندبنديينتي" بكأس ليبرتادوريس والانتيركونتينينتال في 1984، وأكد خدعته بقوله إنه صديق مقرب لوكيل اللاعبين أليخاندرو، صديق اللاعب الأرجنتيني الشهير خورخي بوروتشاجا.

انطلت الخدعة على البرازيليين، وعاد كارلوس لصفوف بوتافوجو، الفريق الذي شهد بدايته كناشئ، وهناك بدأ في استخدام أكذوبة ستكون شعارًا لمشواره لسنوات قادمة: يتم تقديمه للجماهير، يذهب ليشارك في أول تدريب وبعدها يتعرض للإصابة.

يقول كارلوس: "كل اللاعبين كانوا يأتون للتدريبات يفكرون كيف يسجلون ويفوزوا بالمباريات، أنا لا، كنت أفكر في كيف أتفادى لمس الكرة، كان هذا كل تفكيري، وكنت أفعل أي شيء لتحقيق الأمر".

واستخدم كارلوس تشكيلة واسعة من الحيل، بداية بالطبع من الإصابات، إذ كان دائمًا يتعرض في الإحماء للإصابة على مستوى العضلة الخلفية، وهي إصابة وقتها كان صعب تشخيصها بسبب غياب الأشاعات المتخصصة لكشفها، وكان متعارف أن التعافي منها يحتاج لوقت طويل.

CARLOS KAISERCARLOS KAISER

وكان "كايزر" يستخدم خدعة أخرى ناجحة في ذلك الزمن، وهي الهواتف المحمولة، وقتها لم تكن تلك تكنولوجيا رائجة، فكان يأتي بهاتف "لعبة" ويدعي أنه يتحدث مع أطباء أو وكلاء أجانب يأتون له بعروض أخرى، أو بالخارج للعب مع فرق تطلب التعاقد معه.

ووصل الأمر بكارلوس أن استغل صداقته بطبيب أسنان وجعله يصدر له شهادة طبية تفيد بأن عدوى في أحد أسنانه هي السبب في إصاباته المتكررة، كما أنه اضطر للاشتباك مع أحد الجماهير ولكمه حتى يتم طرده ولا يخوض لقاء مع فريقه البرازيلي بانجو.

ويتذكر بيبيتو، نجم البرازيل في التسعينيات والذي زامله في بوتافوجو، العلاقة بينهم: "كان يجيد الحديث وتحب فعل ذلك معه، بمجرد أن يفتح فمه لا يتوقف".

ويتفق معه كارلوس ألبيرتو، قائد البرازيل في مونديال 1970: "كان دائمًا على استعداد لمساعدة اللاعبين وفعل أي شيء يطلبوه"، وبهذا يتحدث عن النساء، فعرف "كارلوس" أن ذلك السلاح الناعم سيكون بوابته لإسكات زملائه وإغرائهم بعدم كشف أمره.

يكشف كارلوس في الوثائقي أنه اعتاد تنظيم الحفلات والإتيان بأجمل الفتيات وأشهرهم، وكان يدعوا زملائه في الفرق والشخصيات المشهورة بالمجتمع، ويحرص أن يتم رؤيته برفقتهم وتلتقط له الصور معهم حتى يحافظ على وضعه الاجتماعي كصديق لهؤلاء.

Carlos Kaizer RaposoGetty

ويعلق "كايزر" على هذا الأمر قائلًا: "كنت أقوى من وحدة الفريق، وكلما أراد رئيس فريق طردي، كان اللاعبون يجتمعون ويدافعون عني، ليس بسبب كوني أدافع عن ألوان النادي، ولكن لأنني كنت أجلب العديد من النساء، وليس أي نساء، بل الأفضل".

ولكن ليس كل مرة تسلم الجرة، فكاد أمر كارلوس يفضح أثناء تجربته مع بانجو، وقتها كان رئيس النادي زعيمًا لأحد العصابات وشخص ليس سهل خداعه، وهو كاستور دي أندرادي. الأخير بدأ في الشك في كارلوس بسبب كثرة أعذاره وانتشر في أجواء الفريق أن كاستور قرر عقاب كارلوس.

ولكن حيل كارلوس لا تنفذ، استغل لقاء كان فريقه متأخر بهدفين نظيفين وحدث اشتباك بين اللاعبين والجماهير الغاضبة، ليتدخل هو ويدافع عن زملائه، بل وضرب المشجعين، ليستدعيه كاستور الغاضب، ولكن كارلوس نجح في امتصاص غضبه وقال له إنه ضرب المشجع بسبب سبه لرئيس النادي، الأمر الذي جعل الرجل سعيدًا، وبدلًا من عقابه، قرر إعطاء كارلوس مكافأة وتمديد عقده لستة أشهر إضافية.

بابلو إسكوبار .. الباترون الذي صنع مجد الكرة الكولومبية

شعر كارلوس أن حيلته في البرازيل تم كشف أمرها، فقرر تجربة حظه في أوروبا، وجعل صديق له يلعب في "جازيليك أجاكسيو" بالدرجة الثانية الفرنسية يقنع مسؤولي النادي بالتعاقد معه، وكاد أمره يفتضح في التقديم عندما نظم النادي لقاء وديًا لتعريف الجمهور عليه، فأخذ كارلوس الكرات وأخذ يقذف بها للجماهير وهو يقبل شعار النادي للهرب!

افتضح أمر كارلوس وسرحه النادي بعد عام، ولكنه استغل علاقاته ببعض الصحافيين بالبرازيل وجعلهم يكتبون أنه رحل عن أجاكسيو وهدافا للفريق وأنه من اختار العودة لبلاده مرة أخرى، وهو ما أعطاه الفرصة لتكرار حيلته مرة أخرى في أندية بحجم فاسكو دي جاما وفلومينينزي.

ولكن مع تقدمه في العمر وزحف التكنولوجيا، بدأت حيل كارلوس في النفاذ، فاكتفى بالتجربة مع بعض الأندية الصغيرة، قبل أن يتوقف مشواره الكروي "الوهمي" مع بداية التسعينيات.

CARLOS KAISERVICE SPORTS

ويختتم كارلوس حديثه بفيلمه الوثائقي قائلًا: "في البرازيل هناك ثلاثة طرق إذا كنت شخصًا فقيرًا من أجل أن تكتسب الاحترام، الكرة، القتال، والنساء"، حاول "كايزر" مع الكرة وصنع لنفسه مشوارًا زائفًا مثل لقبه، ولكن أكسبه احترامًا، بل وفيلمًا يحكي قصة حياته.

واستكمالًا لمقولته، قرر كارلوس الحفاظ على علاقته النسائية، فيعمل الآن كمدرب ومعد بدني، ولكن خاص بالسيدات فقط، ولا يزال وجهًا بارزًا في الإعلام البرازيلي والعالمي، والذي يجد في قصته وتفاخره واعترافه بكونه محتالًا، مادة دسمة للحديث.

إعلان