Sacci Cryuff GuardiolaGettyImage

جوارديولا أثبت أنّه الأعظم .. حكاية مدرب سحق ساكي وكرويف!

لم يعد الوقت مبكرًا لاعتبار بيب جوارديولا أفضل مدرب في التاريخ، نعم البعض يحاول تجنب الحديث عن هذا الأمر أو يعتبر التاريخ كلمة كبيرة أو حتى يستغل عدم تحقيق المدرب الكتالوني لدوري أبطال أوروبا منذ 2011 للتقليل منه بكل الطرق.

ربما نختلف كثيرًا حول الأفضل في التاريخ وهل يستحق بيب أن يكون كذلك، لكننا لن نختلف حول مدربين كبار أمثال يوهان كرويف وأريجو ساكي وكلاهما يضعه البعض بين الأفضل في التاريخ!

إن كنت تعتقد أيضًا أنّ كرويف وساكي من أساطير التدريب ويجب أن يكونا بين الأفضل في التاريخ، فالحقيقة أنّ جوارديولا تفوق عليهما بامتياز، وكل الأرقام والإنجازات تثبت ذلك، ولا ننسى أنّ كرة القدم تزداد تعقيدًا أكثر والخطط الفنية تحتاج تغييرًا متواصلًا.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

لماذا إذًا يعد جوارديولا مدربًا أفضل من ساكي وكرويف؟ كيف أكدت حكايته أنّه بين أساطير التدريب؟!

بداية ساحقة

Pep Guardiola BarcelonaGetty Images

مع ساكي وكرويف، بدأت الرواية بصورة تقليدية، الأمور بدأت بشكل تصاعدي دون إظهار ضجة كبيرة لكي تصبح النقلة التالية غير متوقعة.

بداية ساكي كانت من نادي تشيزينا تحت 19 عامًا في 1977 ثم استمر مع الأعمار الصغيرة في ريميني ثم فيورنتينا ثم بارما، وبداية ظهوره مع فريق كبير كانت في ميلان موسم 1985-1986، في مفاجأة وقتها غير متوقعة لأحد.

بداية ساكي لم تكن الأفضل على مستوى البطولات، فحقق لقبًا واحدًا فقط وهو الدوري الإيطالي في 1988، لكن الأهم كان بالثورة التكتيكية وتحويل طريقة لعبه إلى 4-4-2 بعد أن كانت الطريقة السائدة وقتها 3-5-2 لتكون بداية لمعجزات تحققت مستقبلًا.

أما كرويف، فبدأ مع أياكس الهولندي قبل صعود ساكي لتدريب ميلان بموسم واحد فقط، لكن بالطبع كان منتظر منه الكثير كونه أحد أساطير اللعب في هولندا عكس الإيطالي المغمور.

مع أياكس حقق لقب الكأس فقط مرتين متتاليين ومن بعدها بطولة كأس الكؤوس الأوروبية في 1987 قبل أن يشد الرحال إلى برشلونة حيث انطلاقته الحقيقية.

جوارديولا بدأ بصورة مغايرة، فصحيح كان أسطورة كلاعب لكن التوقيع معه كان مخاطرة غير مضمونة خاصة في ظل تردد أسماء أكثر خبرة مثل جوزيه مورينيو. وفي المباريات الأولى بدأت الثقة تقل وهجوم الصحافة يزداد بسبب النتائج السلبية، لكن لم تمر سوى فترة وجيرة حتى فرض أسلوبه الخاص على برشلونة وأتى فريقه على الأخضر واليابس وسحق ريال مدريد بنتيجة 6-2 قبل أن يتوج بالسداسية التاريخية في 2009.

على مستوى النتائج والأداء، فبداية جوارديولا هي الأفضل بين كرويف وساكي ولم يكرر أحد مثل هذا الأمر سوى هانس فليك مع بايرن ميونخ بعد هذا التاريخ بـ11 عامًا.

ما لم تخبرك به الصحافة .. جوارديولا مدرب "دفاعي" بامتياز!

ذروة الأحداث

Guardiola Bayern de Munique x PortoGetty Images

فلسفة ساكي كانت فريدة من نوعها، وكان يؤمن بأن "الفرد أقل من الفريق" لذلك اعتمد على اللامركزية فالفريق يهاجم ككتلة واحدة ويدافع ككتلة واحدة، حتى أنّ اللاعبين كانوا يتدربون بدون كرة فيما عُرف باسم "Shadow Football"، ولذلك احتاج للوقت والعديد من الصفقات لكي يُظهر الجودة التي حلم بها.

هذه الفلسفة الرائدة حولت ميلان لأحد أفضل الفرق في التاريخ، وتُرجم ذلك بتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليين في 1989 و1990 والسوبر الأوروبي بعدها ثم لقب الإنتركونتينتال مرتين.

أما كرويف، فبدأ رحلة جديدة في برشلونة، وهناك أسس فريق الأحلام "Dream Team" وغيّر كثيرًا من الفلسفة المتبعة في النادي الكتالوني ليسيطر على إسبانيا ويحقق لقب الدوري الإسباني 4 مرات على التوالي، لكن الأهم كان التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ النادي ثم الوصول لنهائي 1994 قبل الخسارة أمام ميلان.

إنجازات كرويف تتجاوز الألقاب، فقد أبدى اهتمامًا كبيرًا بأكاديمية لا ماسيا واعتمد على عدد من لاعبيها أهمهم بيب جوارديولا. هذا الاهتمام امتد صداه لسنوات بتصعيد لاعبين على أعلى مستوى مثل كارليس بويول وتشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وفيكتور فالديز وبالطبع الأسطورة ليونيل ميسي والقائمة تطول.

أما رحلة جوارديولا الثانية فكانت في بايرن ميونخ بعد نجاح ساحق مع برشلونة حصد فيه 14 لقبًا في 4 مواسم ووضع النادي الكتالوني على قمة العالم، لكن تجربته في ألمانيا كانت أقل من التوقعات.

صحيح حقق 7 ألقاب في 3 مواسم، لكن خروجه المتكرر من نصف دوري أبطال أوروبا جعل البعض يقلل من فترته هناك، لكنّه نجح على مستوى صناعة فريق قوي فنيًا وتفوقه على العديد من المنافسين بميزانية منخفضة مقارنة بباقي أندية أوروبا.

الرحلة الثالثة: نهاية كرويف وساكي وبداية جديدة لبيب

Guardiola Premier League trophy Manchester CityGetty

رحل ساكي من ميلان بعد قصة ناجحة أوروبيًا، ليتولى تدريب منتخب إيطاليا ويصل لنهائي كأس العالم 1994 قبل أن يخسره لصالح المنتخب البرازيلي.

ثم عاد بعدها للميلان دون إنجازات تذكر قبل أن يتوجه لإسبانيا مع أتليتكو مدريد ولم يكرر النجاح الذي حققه مع الروسونيري فيعود أدراجه لإيطاليا مع بارما قبل أن يعلن نهاية قصته التدريبية.

وبالعودة لكرويف، فكانت أزمته مع إدارة برشلونة والخروج بصورة سيئة من تدريب النادي نهاية لمسيرته التدريبية، فقرر وقتها التفرغ لأمور أخرى أبرزها دعم جوان لابورتا في صراعه مع نونيز وأتباعه وهو الأمر الذي أدى لفوز الأول برئاسة النادي في 2003 وبداية تأسيس مرحلة جديدة في تاريخ البلوجرانا.

كرويف فعل الكثير لكرة القدم، لكن كمدرب لم تكن فترته طويلة بالشكل الكافي.

وهذا يأخذنا إلى جوارديولا، المدرب الذي بدأ رحلة في إنجلترا مع مانشستر سيتي لتتوفر كل الأمور التي تجعله يؤسس لفريق من البداية، فالأمر مختلف عن برشلونة الذي يناسب فلسفته حتى قبل أن يدربهم أو بايرن ميونخ الذي يمتلك فلسفة مغايرة تمامًا.

مع مانشستر سيتي كان الفريق دون هوية ويحتاج للبناء من الصفر، فبدأ بموسم دون ألقاب ثم غيّر قوام الفريق بالكامل ليعود ويسيطر على إنجلترا لسنوات.

تحقيق لقب الدوري الإنجليزي 3 مرات والتتويج بالرباعية المحلية كأول فريق يفعلها في تاريخ إنجلترا جعلت الأمور شبه مثالية، فقط القطعة الناقصة هي دوري أبطال أوروبا.

الأهم هو الطريقة التي يقدمها في الملعب وقدرته على التفوق على مدربين على أعلى مستوى في البريميرليج، بل بسببه لم يتمكن يورجن كلوب من تحقيق الإنجازات التي كان قادرًا على حصدها مع ليفربول.

ومع كل موسم، يثبت بيب أنّه قادر على التعلم وتحسين الأخطاء وإعادة السيطرة والتفوق على الجميع، وأصبح المرشح الأقرب لحصد البريميرليج مرة رابعة في 6 سنوات فقط!

مسيرة بيب لم تتوقف، وأفكاره لم تنضب، وأثبت أنّ الاستمرارية أمر صعب على الجميع، فحتى ساكي وكرويف لم يتمكنا من ذلك!

إعلان