Stefano Pioli Aaron PaulGettyImage

بيولي بينكمان .. الفرصة الثانية أعادت الحياة إلى ميلان!

أحيانًا لا يكون التخطيط هو الأفضل، لا يكون البحث عن قائد لمشروع طويل الأمد هو الخيار الأنسب، بل يكون منح الأفراد في الظل المساحة الكافية للقيادة والعودة من بعيد هو القرار الأصوب!

أحيانًا كثيرة يكون الممثل المساعد هو الرقم الأبرز في المسلسل، وقرار المؤلف بمنحه دورًا أكبر يحوله مع الوقت ليصبح النجم الأبرز عند الجمهور.

أحيانًا تصنع الصدفة بطلًا، وتغيير القرار يحول تجربة فاشلة إلى قصة ملهمة يتغنى بها الجميع لسنوات وسنوات.

وفي هذه الأحيان، يأتي من ذلك الذي لم يتوقع منه أحد صناعة التاريخ ليترك بصمة تجعل الكارهين عشاقًا والمتشككين مؤيدين.

في كرة القدم كان ستيفانو بيولي حاضرًا، مدربٌ قادته الأقدار ليتحول من عابر سبيل في تاريخ ميلان إلى بطل أسطوري، تمامًا كما أنقذ آرون بول حياة جيسي بينكمان في مسلسل "Breaking Bad" ليصبح أيقونة في تاريخ الدراما الأمريكية!

جيسي بينكمان .. الأداء الجيد يصنع حياة

بالنسبة لهواة الدراما لا نحتاج تقديمًا كثيرًا لشخصية جيسي بينكمان في مسلسل "Breaking bad" الشهير.

ولكن إن كنت لا تعرف العمل الدرامي المميز، فهو يتحدث عن مدرس كيمياء – والتر وايت – الذي يكتشف أنّه مريض بالسرطان وقد يموت خلال عام، لذلك يقرر التحول والعمل في مجال صناعة الميثامفيتامين المخدر.

وايت احتاج إلى تلميذه السابق جيسي بينكمان ليتمكن من الدخول لهذا المجال، واستخدمه كثيرًا على مراحل مختلفة من العمل لصناعة امبراطورية مرعبة.

ولكن ما لا يعرفه البعض أن النص الأصلي كان يقتضي بوفاة جيسي بينكمان بنهاية الموسم الأول، أو بعد انتهاء دوره بوضع وايت على أول الطريق، ولكن أداء آرون بول المذهل في الحلقات الأولى أجبر الكتاب على إعادة النظر وتغيير التفاصيل لاستمرار شخصية بينكمان حتى نهاية العمل بعد خمسة مواسم.

بل أن نجاح شخصية بينكمان تسببت في صناعة فيلم آخر بعد ذلك بسنوات بعنوان "الكامينو" يكون فيه آرون بول البطل الأول للعمل.

شخصية تعلق بها الكثيرون من عشاق المسلسل، وتضاربت المشاعر بين متعاطف وناقم، مؤيد ومعارض، وأصبح قيمة بينكمان من ذات قيمة البطل الرئيسي والتر وايت.

أداء رائع غير متوقع من آرون بول صنع شخصية أيقونية في مجال الدراما، وأنقذها – حرفيًا – من الموت ليصنع بعد ذلك بطولته الخاصة.

أنا بيولي .. اعطوني الفرصة

مسيرة ستيفانو بيولي ليست حفيلة بالإنجازات، فصاحب الـ56 عامًا لم يحقق سوى لقب وحيد هو الدوري الإيطالي مساء أمس.

من تدريب فرق شابة وفرق مثل ساليرنيتانا ومودينا وبارما ثم بولونيا ولاتسيو وإنتر وفيورنتينا إلى أن قادته الأقدار إلى ميلان.

جاء بيولي في أكتوبر 2019 لإصلاح ما أفسده ماركو جيامباولو، فالفريق كان في المركز الـ 12 برصيد 9 نقاط بعد 3 انتصارات و4 هزائم، واعتبره البعض مدربًا مؤقتًا لنهاية الموسم وفقط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

بداية ميلان لم تكن جيدة مع بيولي، ففي أول ست مباريات حقق انتصارًا واحدًا فقط جاء أمام سبال بينما خسر ثلاث مرات وتعادل مرتين.

الفريق عاش فترة صعبة حتى توقف الكرة في مارس بسبب جائحة كورونا، تلاقى خلالها الهزيمة من أتالانتا بخماسية والديربي ضد إنتر برباعية، وهو ما دفع إدارة ميلان وقتها للتخطيط لرحيل بيولي وبدء المفاوضات مع الألماني رالف رانجنيك ليقود المشروع الجديد مع بداية الموسم.

ومع عودة الكرة عقب كورونا، وأثناء المماطلة في المفاوضات من المدرب الألماني وطلبه ضمانات كثيرة لقيادة ميلان، حقق الفريق سلسلة لا هزيمة امتدت لنهاية الموسم، وخطف الروسونيري المركز السادس ليصل إلى الدوري الأوروبي.

Zlatan on Ralph RangnickPressbox/Getty

هذه النتائج الإيجابية دفعت الإدارة لقتل فكرة إقالة بيولي ومنحه الفرصة وتجاهل طلبات الألماني، وبعدها جاء التحول.

سلسلة عدم الخسارة استمرت لتصل إلى 24 مباراة بالهزيمة من ليل في الدوري الأوروبي أما في سياق الدوري، فوصلت إلى 27 مباراة وتوقفت بالهزيمة أمام يوفنتوس.

ميلان أظهر شراسة قوية في موسم 2020-2021 وأثبت أنّه قادر على المنافسة على اللقب وخاصة بوجود زلاتان إبراهيموفيتش الذي قاد مسيرة التحول داخل وخارج الملعب.

ولكن الروسونيري فشل في الاستمرار بالمنافسة وفقد الصدارة لصالح إنتر ليخرج محققًا المركز الثاني في إنجاز واضح مقارنة بالسنوات السابقة، ليحصل على بيولي على فرصته الثاني.

جاء الموسم الحالي، وبعد أن كانت التوقعات في صالح إنتر ونابولي مع إمكانية عودة يوفنتوس بوجود المدرب أليجري، أكد بيولي أنّ قرار استمراره كان صحيحًا، ونافس أبطال الاسكوديتو لينجح في أن يضع اسمه في عمل خاص به ويحمل لقب الدوري الإيطالي الأول له ولميلان منذ 11 عامًا.

حكاية بيولي هي حكاية النجاح بعد الفرصة الثانية، وبث الروح والقتال في مجموعة من اللاعبين مستعدة لبذل كل الجهود بهدف نهاية موسم عظيم واحتفالية ضخمة.

ربما تكون المرحلة المقبلة أصعب برغبة أكبر في الاستمرار على القمة والمنافسة أوروبيًا بصورة أفضل مما كان عليه الموسم الجاري، ولكن حتى تأتي المرحلة المقبلة على بيولي الاسترخاء ومشاهدة Breaking Bad والاستمتاع بجيسي بينكمان الذي يشبهه كثيرًا، فهذا أنقذ شخصيته من الموت وهو أنقذ مسيرته في سان سيرو!

اقرأ أيضًا:
ميلان وبيولي ورانجنيك .. عندما تؤتي الفوضى ثمارها
الدوري الإيطالي | ميلان تحدى نفسه ففاز باللقب .. ولا تلم إلا نفسك يا إنتر!

إعلان