لا تقلق العنوان ليس خاطئًا، لم أغفل عن جهل أنّ ليونيل ميسي يمثل منتخب الأرجنتين ووصل مع بلاده لنهائي كوبا أمريكا 2021 ولا يشارك بالتبعية في بطولة يورو 2020.
ورغم ذلك فالمعنى حقيقي، ميسي بالفعل هو أفضل لاعب في بطولتي الكوبا واليورو، ما فعله خلال الشهر الماضي تجاوز حدود المتوقع، ليس فقط لتسجيله الأهداف وصناعة الفرص ولكن لقدرته على تقديم قدرات دفاعية وتضحيات بدنية لم نعتدها من البرغوث.
قبل الحكم على التقرير والاعتراض عليه انتظر معي قليلًا لترى إن كان ميسي حقًا هو أفضل لاعب في يورو 2020، والأمر بعدها مفتوح للنقاش، فربما ما يقال مبالغة وربما عين الصواب، فقط انتظر واقرأ واحكم ثم نناقش!
كيف نحكم على لاعب أنّه الأفضل؟
كرة القدم لعبة معقدة، لا يمكن أبدًا فصل عنصر منها عن باقي العناصر ومحاولة إدراكه بصورة مفردة بعيدًا عن العوامل المختلفة.
وحينما نرغب في مقارنة اللاعبين بعضهم البعض يزداد الأمر صعوبة، فنحن نتحدث عن ترس يعمل في ماكينة كبيرة تسمى الفريق ويتأثر بعوامل فنية وبدنية وحتى نفسية وبالتالي الحكم ليس سهلًا على الإطلاق كما يظن البعض، ففي الأخير هذه ليست رياضة تنس!
ميسي ليس مختلفًا عن هؤلاء، فالحكم عليه يجب أن يكون في إطار المنظومة أو المنظومات التي لعب فيها، وربما هذا ما يجعله عظيمًا فاللاعب الذي تواجد في منظومات مختلفة تحت قيادة مدربين بأفكار كثيرًا وأحيانًا تكون متضادة يبرز دائمًا كأهم لاعب في الفريق.
تألق مع بيب جوارديولا وأبدع تهديفيًا في منظومة قوية محكمة بها أفضل لاعبي خط الوسط في هذا الجيل، كما تجمل أيضًا مع لويس إنريكي في موسمه الأول بوجود أفضل نسخة من لويس سواريز وكذلك نيمار، ثم حمل الفريق في موسم اللوتشو الأخير بعد تراجع مستويات البقية، وظهر بطلًا منفردًا يقود الهجوم وحده مع إرنستو فالفيردي.
ولو رحلنا إلى الأرجنتين فحدث ولا حرج، التانجو عاش مع ميسي سنوات مختلفة، فبداياته كانت مع جيل من أقوى أجيال الأرجنتين في السنوات الأخيرة ثم جاء دييجو مارادونا وحاول أن ينجح كمدرب مثلما فعلها كلاعب لكن اختياراته أثبتت العكس، ثم تحسن الوضع مع الراحل أليخاندرو سابيلا في كأس العالم 2014 واستمر في التحسن لموسمين مع تاتا مارتينو قبل السقوط في فخ خسارة النهائيات.
وحتى مرحلة التخبط مع سباليتي كان ميسي حاضرًا وقادر الأرجنتين لنهائيات كأس العالم في 2018 وساعدهم في تجاوز مرحلة المجموعات، ولكن التخبط أكبر من أن ينقذه لاعب واحد حتى لو سوبر مان!
الآن مع ليونيل سكالوني نتحدث عن فريق يحاول بناء عناصر شابة جديدة في منظومة لا تعتمد هجوميًا سوى على الارتجال من ميسي أو دي ماريا أو غيرهم، وبالطبع ليو يمتلك نصيب الأسد.
منظومات متعددة وميسي موجود، اختلاف أساليب اللعب وتنوع وسائل الضغط والبرغوث حاضر، إما بالصناعة أو بالأهداف، لا يكل ولا يمل ولا يشعر بالاكتفاء ولأكثر من عقد من الزمان ظل حاضرًا وبارزًا في تقريبًا كل ليلة وكل مباراة وكل موعد.
هل ميسي أفضل لاعب في يورو 2020؟
Goal
هذا السؤال تجاوز السؤال الأول عن أفضلية ميسي في كوبا أمريكا، فهو بالطبع ملك النسخة الحالية دون منازع.
ميسي الهداف برصيد 4 أهداف وصنع 5 أهداف في المرتبة الأولى أيضًا، والأهم أنّه ساهم في 9 أهداف سجلتها الأرجنتين في البطولة من أصل 11 هدف كما أنّه يمتلك أكثر معدل تسديدات (4.5) على المرمى (1.8) وثاني أكثر صانعي الفرص المحققة (6) بعد نيمار (9) ولم يهدر سوى فرصتين محققتين للتسجيل فقط كلاهما ضرب في القائم ويبتعد عن الأكثر إهدارًا للفرص في البطولة وهو نيمار بواقع 8 فرص!
البرغوث أيضًا يمتلك أفضل معدل للمراوغات الناجحة في المباراة الواحدة بواقع 5.5 والأهم من ذلك أنّه أكثر لاعب فوزًا بالصراعات الثنائية بواقع 62 مرة ويتفوق على لاعبين معروف عنهم الجهد البدني الكبير مثل كاسيميرو (37 مرة).
كل هذه الأرقام تؤكد تفوقه بوضوح على الجميع في الكوبا، ولكن ماذا عن يورو 2020؟
هدافو البطولة كريستيانو رونالدو وباتريك شيك بواقع 5 أهداف وبفارق هدف وحيد عن ميسي، وستيفن زبير هو الأفضل في صناعة الأهداف بواقع 4 مقابل 5 للبرغوث.
ميسي أيضًا الوحيد في بطولتي كوبا أمريكا ويورو الذي سجل من ركلات حرة مباشرة، ولم يفعلها مرة واحدة بل مرتين، بينما فشل كل اللاعبين في تقديم ذلك.
أفضل متوسط للتسديد في يورو 2020 هو أولمو 4.2 أقل من البرغوث، وعلى المرمى باتريك شيك 1.8 مثل نجم الأرجنتين.
والأفضل في صناعة الفرص السانحة للتسجيل هو جاريث بيل (5) بينما ميسي (6) أما الأفضل في متوسط صناعة الفرص في المباراة الواحدة في يورو 2020 هو دي بروينه (3.3) بينما البولجا أقل بنسبة بسيطة بواقع (3.2) مع العلم أن ميسي لعب مباريات أكثر.
وماذا عن متوسط المراوغات الناجحة؟ ميسي متفوق بواقع 5.5 على جميع اللاعبين في يورو 2020، فاللاعب الأفضل في البطولة الأوروبية هو فرينكي دي يونج بمتوسط 4.0 في المباراة الواحدة.
أما عن الفوز بالثنائيات، فميسي لا يزال الأفضل في البطولتين بلا منازع إذ يتصدر جيوفاني دي لورينزو بواقع 39 مرة فقط بينما ميسي كما ذكرنا من قبل وصل إلى 62 مرة!
النقطة البارزة، أن ميسي حاضر في جميع الأفعال الهجومية – بجانب تفوقه في بعض الأفعال الدفاعية أيضًا -سواء في المرتبة الأولى أو الثانية وذلك بين جميع منتخبات كوبا أمريكا واليورو!
هل يحقق ميسي الكرة الذهبية في 2021؟
Getty
التتويج بالكرة الذهبية لا معيار له سوى التصويت وبالتالي تتحكم العاطفة والأهواء، ولكني لا استبعد تتويج ميسي بها حال حقق بطولة كوبا أمريكا خاصة وأنّ منافسه قد يكون جورجينيو من إيطاليا وقد تلعب الشعبية دور كبير في ترجيح كفة البولجا.
ولكن بعيدًا عن الكرة الذهبية غير المنصفة في أغلب الأوقات، فما يقدمه ميسي في كوبا أمريكا تحديدًا غير اعتيادي على الإطلاق، وحتى البولجا نفسه لم يكن بمثل هذه القوة في نسخ سابقة – ربما عدا نسخة 2016 – ويبدو وكأنّه عازم بكل السبل على حصدها أخيرًا وجلب لقب للأرجنتين لم يحدث منذ 28 عامًا.
الأكيد أنّ ميسي يستحق الانصاف والتقدير على ما يفعله في هذه البطولة، سواء حققتها الأرجنتين أم فشلت في ذلك، وأنّ اللاعب الذي يمر بفترات يعتبرها البعض الأسوأ في مسيرته لا يزال قادرًا على التفوق على قارتين في أغلب العمليات الهجومية بلا استثناء.
ومهما حقق أو لم يحقق ميسي سيبقى اسمًا خالدًا في تاريخ كرة القدم، وكما قال عنه فالدانو إنّ مارادونا عظيم لكن ميسي يمتلك مارادونا كل يوم وكل مباراة!
اقرأ أيضًا:-
سقوط مبابي ورونالدو يفقد الصدارة.. ترتيب أفضل اللاعبين في يورو 2020
.jpg?auto=webp&format=pjpg&width=640&quality=60)
