Petros Matheus - Bruno Fernandes - nassr - Manchester United - 17-2-2021goal

بيتروس وبرونو فيرنانديش .. "كاريزما" مختلفة تم اغتيالها معنويًا

يظن البعض أن المهارة وحدها للاعب كرة القدم قد تكفيه كي ينجح في مسيرته بالملاعب، لكن يومًا تلو الآخر يُثبت لنا عالم الساحرة المستديرة أن نطاقه أوسع من مجرد مداعبة للكرة وإظهار مهارات، فقد تمتلك مهارة كبيرة، ويتفوق عليك من هو أقل مهارة، قد تظنه ليس عدلًا، لكنه العدل ذاته، إذا امتلك الآخر ما يعوض نقص مهارته..

الروح، الإصرار، القتال، كره الهزيمة، الشراسة، جميعها صفات يمكن أن تعوض نقص المهارة لدى لاعب كرة القدم، ويمكننا أن نلخصه في كلمة واحدة ألا وهي "الكاريزما" أي الشخصية القيادية، فليس من الضرورة أن ترتدي شارة القيادة في ذراعك كي تكون قائدًا لزملائك بالملعب، يمكنك أن تفعل فقط بكاريزمتك وحتمًا سيحترمك الجميع ويستجيب زملائك لتعليمات..

يختلف معنى الكاريزما من شخص إلى آخر، وفي هذا التقرير حديثنا سيكون عن اثنين يتشابهان في الشخصية القيادية، كلاهما يُلقب بـ"المستفز"، هما البرتغالي برونو فيرنانديش؛ محترف مانشستر يونايتد الإنجليزي، البرازيلي بيتروس ماتيوس؛ محترف النصر السعودي..

دعونا في البداية نتحدث عن تأثير فيرنانديش مع الشياطين الحمر وكيف أثر بفريقه..

برونو ميجيل بورجيس فيرنانديش، اسم دخل قلوب عشاق مانشستر يونايتد في لمح البصر وارتبط وجوده دائمًا في العقول بالطفرة الكبيرة التي حدثت للشياطين الحمر مع انتقاله للفريق يناير 2020 قادمًا من سبورتينج لشبونة البرتغالي.

لسنا هنا لنتحدث عن أسباب طفرة مانشستر يونايتد فهي في رأيي أكبر من برونو فيرنانديش، وحده، بالطبع هو السبب الأبرز مع اختلاف الجودة الواضح بينه وبين جيسي لينجارد وأندرياس بيريرا، ولكن الأمر هو حملة بناء كاملة. 

إذا أردت الحديث عن تأثير برونو فيرنانديش في النصف الثاني من الموسم الماضي فيمكنك أن ترى ذلك من ترتيب الفريق الذي نجح في الوصول للمركز الثالث مع نهاية الدوري والتأهل لدوري أبطال أوروبا بعد أن كان يعاني في النصف الأول مع التواجد في المركز السادس. 

Bruno Fernandes 17-2-2021goal

12 هدفًا وثماني تمريرات حاسمة في 22 مباراة كانت كافية لتأهل مانشستر لدوري أبطال أوروبا ولكن دون النجاح في تجاوز نصف نهائي أيًا من بطولتي الكأس أو الدوري الأوروبي. 

مستوى مميز واصل برونو تقديمه هذا الموسم أيضًا بـ19 هدفًا و12 تمريرة حاسمة في 35 مباراة حتى الآن ليتواجد مانشستر يونايتد في صدارة الدوري الإنجليزي خلال الموسم قبل أن يتراجع للمركز الثاني إلى جانب توديع دوري أبطال أوروبا.

فترة هبوط مستوى مانشستر يونايتد ربطها البعض بتراجع مستوى برونو فيرنانديش كواحد من ضمن عِدة أسباب ولكن في الحقيقة فتراجع مستوى برونو في بعض المباريات كان قبل ابتعاد الشياطين الحمر عن الصدارة.

دعنا نؤكد أن الشخصية القيادية التي ترفض الخسارة صفة لم يكتسبها برونو في مانشستر يونايتد فهو بطبعه لاعب يرفض الخروج من الملعب إلا فائزًا ويمكنك أن ترى هذا في بكائه بعد الخسارة في إحدى المناسبات مع سبورتينج لشبونة والغضب بجنون في مناسبة أخرى بعد البطاقة الحمراء. 

كان واضحًا منذ اليوم الأول بقميص مانشستر يونايتد رغبة برونو فيرنانديش في الفوز دائمًا والقيادة داخل وخارج الملعب حتى، نقاشات وتوجيهات متواصلة لزملائه واعتراض على الحكام عندما يرى أنهم لا يمنحونه وزملائه حقوقهم بجانب مناوشات مع الخصوم أيضًا.

الموقفان الأبرز لبرونو فيرنانديش الموسم الماضي كانا المناوشة مع بيب جوارديولا عندما أبعد عنه الكرة خلال ديربي أولد ترافورد الذي فاز به مانشستر يونايتد، والمناقشة الحادة مع زميله فيكتور ليندلوف بعد الهدف الثاني لإشبيلية في نصف نهائي الدوري الأوروبي والذي كان سببًا في خروج مانشستر يونايتد من البطولة. 

بجانب الحديث مع حكام المباريات والاعتراضات التي كلفته أربع بطاقات صفراء خلال النصف الأول من الموسم فخلاف آخر مع ماتيتش هذا الموسم حدث خلال مباراة إيفرتون وطلب من سولشاير أن يُجري تغييرًا في التشكيل وتعليمات لوان بيساكا خلال عمليات الإحماء أمام ليفربول وتوجيهات للاعبين في التدريبات مع الواقعة الأكبر التي تحدثت عنها الصحافة بين شوطي مباراة توتنهام ثم بعدها والتي خسرها مانشستر يونايتد بستة أهداف مقابل هدف واحد حيث ظهر اللاعب في قمة الغضب مما يقدمه زملائه ومدربه أيضًا وهو ما كان سببًا في تبديله حسب التقارير. 

اقرأ أيضًا | برونو فيرنانديش يشتبك مع سولشاير بسبب مورينيو!

الصحف الإنجليزية تحدثت في وقت سابق عن أحاديث داخل الغرف المغلقة في مانشستر يونايتد لتقليل كل هذا سواء لزملائه أو للحكام بسبب ما قد يسببه من مشاكل وهو ما انعكس على برونو فيرنانديش في المباريات الأخيرة وربما أيضًا كان السبب في تراجع مستواه بعض الشيء حيث استمر لخمس مباريات دون أن يساهم إلا في هدف واحد فقط بتمريرة حاسمة قبل أن يعاود الاتزان بعض الشيء في آخر ثلاث مباريات مع ظهور عدم الراحة والضغوطات على ملامح وجهه خصوصًا بعد هدفه الأخير في ويست بروميتش. 

ربما لا يمر برونو فيرنانديش بأفضل مستوياته بسبب الضغوطات أو بسبب تسرعه بعض الوقت وقد يكون تراجع مستوى الفريق بشكل عام له تأثير ولكن المؤكد أن الحماس المفرط الذي كان بداخله أصبح أقل في الفترة الأخيرة وما يحدث في الغرف المغلقة له دورًا في ذلك.

والآن ماذا عن كاريزما بيتروس؟

Petros Matheus - nassr 2020-2021al nassr twitter

البرازيلي بيتروس ماتيوس، ثبت أقدامه في النصر منذ اليوم الأول له، عندما انضم في يوليو 2018، قادمًا من ساو باولو البرازيلي، ويكفي أن نُعرف عن مسيرته مع العالمي بعودة لقب الدوري المحلي بعد غياب ثلاث سنوات في أول موسم له 2018-2019، وحصد لقبي كأس السوبر المحلي لأول مرة في تاريخ العالمي موسمي 2019-20، و2020-21، بعدما كانت آخر بطولة بشكل عام دخلت أسوار النصر في موسم 2014-15.

نعم شارك في كل ذلك مجموعة كبيرة من النجوم سواء عبد الرزاق حمد الله أو نور الدين أمرابط أو براد جونز وغيرهم، وكل له دور مؤثر، لكن لا يمكن أن يغفل أحد دور بيتروس في العالمي بهذه الفترة.

أرقام بيتروس

عقب كل مباراة يكون الحديث بشكل فني عن اللاعبين وما قدموه، لكن الحديث يكون مختلفًا عن بيتروس، وتنقسم الآراء، ما بين "المحارب بيتروس صاحب الروح القتالية ويا ليت الجميع مثله"، وما بين "ما هذه العنترية؟ أين لجنة الانضباط مما يفعله؟، يجب إيقافه وإصدار عقوبة رادعة ضده كي يتوقف عن اعتراضات وانفعالاته الزائدة عن الحد"، بالطبع جمهور العالمي هو صاحب الرأي الأول، والثاني لجماهير المنافسين وبعض المحليين والنقاد الرياضيين ومقدمي البرامج.

يمكنكم أن تتعرفوا أكثر على شخصية بيتروس من خلال بعض المواقف، التي ظهرت جلية، خاصةً بالموسم الجاري، مع تراجع أداء فريقه ونتائجه في بداية الموسم الجاري، فهو من يكره الهزيمة وحتى التعادل يكره، لا يقبل سوى بالانتصارات والخروج بالثلاث نقاط في كل مباراة، وإذا لم يحدث ذلك، يثور ولا يهدأ.

أبرز واقعة بالموسم الجاري، حدثت بعد نهاية كلاسيكو النصر والاتحاد بالجولة الـ15 من الدوري المحلي، إذ ظهر البرازيلي منفعلًا للغاية ويوجه حديثًا حادًا إلى إحدى الشخصيات التي لم تُظهرها الكاميرات، لكن يُقال أنه للحكم، واستدعى الأمر تدخل حسين عبد الغني؛ المدير التنفيذي للعالمي، لتهدئته، وغيرها من المواقف الاعتراضية على الحكام خلال المباريات، التي يبررها البعض أنه يحاول التأثير على الحكم، ويبررها جمهور العالمي بأنه يبحث عن حقوق الفريق رافضًا التنازل عن أي حق سواء له أو لزملائه، حتى وصل به الأمر بمطالبة زميله في مواجهة الاتحاد بالموسم الجاري بإيقاف اللعب وإخراج الكرة، كي يتوجه للاعتراض على الحكم في إحدى اللقطات.

الأمر لا يتوقف عند الحكام فقط، إنما يستغل بيتروس كذلك شخصيته للتأثير على لاعبي المنافسين وإخراجهم عن تركيزهم بالمباريات، سواء بمواقف استفزازية أو احتكاكات أو بالدخول في مشادات معهم، كانت إحداها مع علي البليهي؛ مدافع الهلال، في إحد ديربيات الرياض، وأخرى خلال مواجهة الرائد في العام الماضي مع محمد السهلي؛ لاعب الخصم، الذي دفعه لاعب العالمي بيده ثم توجه للحكم للمطالبة بحقه.

حدود بيتروس لا تتوقف عند المواقف داخل المستطيل الأخضر، فبالطبع يتذكر الجميع رسالته شديدة اللهجة إلى خالد البلطان؛ رئيس نادي الشباب، الذي طالبه خلالها بالكف عن الحديث عن النصر، إذ قال: "نحن أبطال الدوري، عليك أن تغلق فمك وتخرس".

بالطبع إذا كنت نصراويًا ستشيد بكل هذه المواقف، وسترى أن هذه هي الروح المطلوب ويا ليت كافة لاعبي الفريق بنفس الحمية والقتالية في الملعب، بل أن جماهير كافة الأندية تتمنى لو لديها لاعب بهذه الشخصية، التي يضع لها مدربي الفرق ألف حساب محذرين لاعبيهم قبل كل مواجهة للنصر من الانقياد وراء محاولات البرازيلي لإخراجهم عن تركيزهم.

هي سياسة وطريقة تعامل، كل لاعب له سياسته في التعامل مع الخصم، وبيتروس وجد طريقته بحسب شخصيته، لكن هذا لم يُعجب الخصوم وبعض المحليين والنقاد الرياضيين، فكانت الحملة على أشدها عليه بالموسم الجاري، انتقادات كثيرة يتعرض لها ومطالب بإيقافه وأحاديث عن تحايله على الحكام، لاحتساب أخطاء وهمية له بأماكن خطرة، وفي ظل الضغوطات التي يتعرض لها الحكام السعوديون بالموسم الجاري، وكثرة الانتقادات لهم، تأثر بالفعل البعض بهذه الأحاديث، ولم يعد هناك استجابة لسقوطه بالملعب، حتى وصل الأمر في قليل من الأحيان أنه لا استجابة له حتى وإن كان على حق، وكذلك إشهار إنذارات في وجهه.

اقرأ أيضًا | نجحت حملة إعلام وجمهور الهلال والاتحاد .. نال بيتروس عقوبة لم يستحقها!

petros matheus Al Nassr Al Wahda SPL 2020-2021SPL Twitter

يمكننا أن نتأكد من أن هذه الحملة التي بدأت قبل مواجهة الاتحاد في 24 من يناير الماضي، أتت بثمارها، عندما نعلم أن اللاعب حصل على ثلاث إنذارات في آخر ثلاث مباريات شارك بها مع العالمي!، ليس طعنًا في ذمة الحكام السعوديين، لكن بالطبع الحملات الإعلامية والجماهيرية حتمًا تؤثر على أي شخص، حتى أنها أثرت على بيتروس نفسه..

تراجع أداء البرازيلي من الناحية الفنية بشكل ملحوظ خلال المباريات الأخيرة للفريق، ويبدو أنه تأثر قليلًا بالانتقادات، ففقد تركيزه داخل الملعب، ومعه يتأثر أداء العالمي، فخسر في آخر مباراة أمام الشباب 4-0، وإذا تحدثنا عن تأثيره فبالأرقام غاب عن 4 مباريات الموسم الجاري، هُزم فريقه في اثنتين وتعادل في واحدة وفاز بلقاء وحيد!

بيتروس وبرونو فيرنانديز وجهان لعملة واحدة، الأول يستغل شخصيته للتأثير معنويًا على الخصوم والحكام وهي أمور مشروعة في عالم كرة القدم، والثاني يستغل شخصيته لنقل الحمية لزملائه وبث الروح بهم وتوبيخهم حال التراجع أو استقبال الأهداف، لكنهما تأثرا معنويًا بما يسمعانه من حولهما حول شخصيتهما، فكان التراجع مصيرهما، لكن المؤكد أن من يمتلك مثل هذه الكاريزما لن يطول تراجعه، وسيعود قريبًا لسابق عهده.

إعلان